تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٤
* (حجارة من طين) * أي طين متحجر وهو السجيل؛ وفي تقييد كونها من طين رفع توهم كونها بردا فإن بعض الناس يسمى البرد حجارة.
* (مسومة عند ربك للمسرفين) *.
* (مسومة) * معلمة من السومة وهي العلامة على كل واحدة منها اسم من يهلك بها؛ وقيل: أعلمت بأنها من حجارة العذاب، وقيل: بعلامة تدل على أنها ليست من حجارة الدنيا، وقيل: مسومة مرسلة من أسمت الإبل في المرعى، ومنه قوله تعالى: * (ومنه شجر فيه تسيمون) * * (عند ربك) * أي في محل ظهور قدرته سبحانه وعظمته عز وجل، والمراد إنها معلمة في أول خلقها، وقيل: المعنى إنها في علم الله تعالى معدة * (للمسرفين) * المجاوزين الحد في الفجور، و - أل - عند الإمام للعهد أي لهؤلاء المسرفين، ووضع الظاهر موضع الضمير ذما لهم بالإسراف بعد ذمهم بالإجرام، وإشارة إلى علة الحكم، وقوله تعالى:
* (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين) *.
* (فأخرجنا) * إلى آخره حكاية من جهته تعالى لما جرى على قوم لوط عليه السلام بطريق الإجمال بعد حكاية ما جرى بين الملائكة وبين إبراهيم عليه السلام من الكلام، والفاء فصيحة مفصحة عن جمل قد حذفت ثقة بذكرها في موضع آخر كأنه قيل: فقاموا منه وجاءوا لوطا فجرى بينهم وبينه ما جرى فباشروا ما أمروا به فأخرجنا بقولنا: * (فأسر بأهلك) * الخ * (من كان فيها) * أي في قرى قوم لوط وإضمارها بغير ذكر لشهرتها.
* (من المؤمنين) * ممن آمن بلوط عليه السلام.
* (فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) *.
* (فما وجدنا فيها غير بيت) * أي غير أهل بيت للبيان بقوله تعالى: * (من المسلمين) * فالكلام بتقدير مضاف، وجوز أن يراد بالبيت نفسه الجماعة مجازا، والمراد بهم - كما أخرج ابن المنذر. وابن أبي حاتم - عن مجاهد لوط وابنتاه، وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أنه قال: كانوا ثلاثة عشر، واستدل بالآية على اتحاد الإيمان والإسلام للاستثناء المعنوي فإن المعنى فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فلم يكن المخرج إلا أهل بيت واحد وإلا لم يستقم الكلام، وأنت تعلم أن هذا يدل على أنهما صادقان على الأمر الواحد لا ينفك أحدهما عن الآخر كالناطق والإنسان إما على الاتحاد في المفهوم وهو المختلف فيه عند أهل الأصول والحديث فلا، فالاستدلال بها على اتحادهما فيه ضعيف، نعم تدل على أنهما صفتا مدح من أوجه عديدة استحقاق الإخراج واختلاف الوصفين وجعل كل مستقلا بأن يجعل سبب النجاة وما في قوله تعالى: * (من كان) * أولا، و * (غير بيت) * ثانيا من الدلالة على المبالغة فإن صاحبهما محفوظ * (من كان) * وأين كان إلى غير ذلك، ومعنى الوجدان منسوبا إليه تعالى العلم على ما قاله الراغب، وذهب بعض الأجلة إلى أنه لا يقال: ما وجدت كذا إلا بعد الفحص والتفتيش، وجعل عليه معنى الآية فأخرج ملائكتنا * (من كان فيها من المؤمنين) * فما وجد ملائكتنا فيها * (غير بيت من المسلمين) * أو في الكلام ضرب آخر من المجاز فلا تغفل.
* (وتركنا فيهآ ءاية للذين يخافون العذاب الاليم) *.
* (وتركنا فيها) * أي في القرى * (ءاية) * علامة دالة على ما أصابهم من العذاب، قال ابن جريج: هي أحجار كثيرة منضودة، وقيل: تلك الأحجار التي أهلكوا بها، وقيل: ماء منتن قال الشهاب: كأنه بحيرة طبرية، وجوز أبو حيان كون ضمير * (فيها) * عائدا على الإهلاكة التي أهلكوها فإنها من أعاجيب الإهلاك بجعل أعالي القرية أسافل، وإمطار الحجارة، والظاهر هو الأول * (للذين يخافون العذاب الأليم) * أي من شأنهم أن يخافوه لسلامة فطرتهم ورقة قلوبهم دون من عداهم من ذوي القلوب القاسية فإنهم لا يعتدون بها
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»