ولا يعدونها آية.
* (وفى موسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين) *.
* (وفي موسى) * عطف على * (وتركنا فيها) * (الذاريات: 37) بتقدير عامل له أي وجعلنا في موسى، والجملة معطوفة على الجملة، أو هو عطف على * (فيها) * بتغليب معنى عامل الآية، أو سلوك طريق المشاكلة في عطفه على الأوجه التي ذكرها النحاة في نحو: علفتها تبنا وماءا باردا لا يصح تسليط الترك بمعنى الإبقاء على قوله سبحانه. * (وفي موسى) * فقول أبي حيان. لا حاجة إلى إضمار * (تركنا) * لأنه قد أمكن العامل في المجرور تركنا الأول فيه بحث، وقيل: * (في موسى) * خبر لمبتدأ محذوف أي * (وفي موسى) * آية، وجوز ابن عطية. وغيره أن يكون معطوفا على قوله تعالى: * (وفي الأرض وما بينهما) * (الذاريات: 38) اعتراض لتسليته عليه الصلاة والسلام على ما مر، وتعقبه في " البحر " بأنه بعيد جدا ينزه القرآن الكريم عن مثله * (إذ أرسلناه) * قيل: بدل من * (موسى) *، وقيل: هو منصوب بآية، وقيل: بمحذوف أي كائنة وقت إرسالنا، وقيل: بتركنا.
* (إلى فرعون بسلطان مبين) * هو ما ظهر على يديه من المعجزات الباهرة، والسلطان يطلق على ذلك مع شموله للواحد والمتعدد لأنه في الأصل مصدر.
* (فتولى بركنه وقال ساحر أو مجنون) *.
* (فتولى بركنه) * فأعرض عن الإيمان بموسى عليه السلام على أن ركنه جانب بدنه وعطفه، والتولي به كناية عن الإعراض، والباء للتعدية لأن معناه ثني عطفه، أو للملابسة، وقال قتادة: تولى بقومه على أن الركن بمعنى القوم لأنه يركن إليهم ويتقوى بهم، والباء للمصاحبة أو الملابسة وكونها للسببية غير وجيه، وقيل: تولى بقوته وسلطانه، والركن يستعار للقوة - كما قال الراغب - وقرىء بركنه بضم الكاف اتباعا للراء * (وقال ساحر) * أي هو ساحر * (أو مجنون) * كان اللعين جعل ما ظهر على يديه عليه السلام من الخوارق العجيبة منسوبة إلى الجن وتردد في أنه حصل باختياره فيكون سحرا، أو بغير اختياره فيكون جنونا، وهذا مبني على زعمه الفاسد وإلا فالسحر ليس من الجن كما بين في محله - فأو - للشك، وقيل: للإبهام، وقال أبو عبيدة: هي بمعنى الواو لأن اللعين قال الأمرين قال: * (إن هذا لساحر عليم) * وقال: * (إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون) * وأنت تعلم أن اللعين يتلون تلون الحرباء فلا ضرورة تدعو إلى جعلها بمعنى الواو.
* (فأخذناه وجنوده فنبذناهم فى اليم وهو مليم) *.
* (فاخذناه وجنوده فنبذناهم) * طرحناهم غير معتدين بهم * (في اليم) * في البحر، والمراد فأغرقناهم فيه، وفي الكلام من الدلالة على غاية عظم شأن القدرة الربانية ونهاية قمأة فرعون وقومه ما لا يخفى * (وهو مليم) * أي آت بما يلام عليه من الكفر والطغيان فالأفعال هنا للإتيان بما يقتضي معنى ثلاثية كأغرب إذا أتى أمرا غريبا، وقيل: الصيغة للنسب، أو الإسناد للسبب - وهو كما ترى - وكون الملام عليه هنا الكفر والطغيان هو الذي يقتضيه حال فرعون وهو مما يختلف باعتبار من وصف به فلا يتوهم أنه كيف وصف اللعين بما وصف به ذو النون عليه السلام.
* (وفى عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم) *.
* (وفي عاد إذ أرسلنا) * على طرز ما تقدم * (عليهم الريح العقيم) * الشديد التي لا تلقح شيئا كما أخرجه جماعة عن ابن عباس وصححه الحاكم، وفي لفظ هي ريح لا بركة فيها ولا منفعة ولا ينزل منها غيث ولا يلقح بها شجر كأنه شبه عدم تضمن المنفعة بعقم المرأة فعيل بمعى فاعل من اللازم وكون هذا المعنى لا يصح هنا مكابرة، وقال بعضهم وهو حسن: سميت عقيما لأنها أهلكتهم وقطعت دابرهم على أن هناك استعارة تبعية شبه إهلاكهم وقطع دابرهم بعقم النساء وعدم