حملهن لما فيه من إذهاب النسل ثم أطلق المشبه به على المشبه واشتق منه العقيم، وفعيل قيل: بمعنى فاعل أو مفعول، وهذه الريح كانت الدبور لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم: " نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور " وأخرج الفريابي. وابن المنذر عن علي كرم الله تعالى وجهه أنها النكباء، وأخرج ابن جرير وجماعة عن ابن المسيب أنها الجنوب، وأخرج ابن المنذر عن مجاهد أنها الصبا، والمعول عليه ما ذكرنا أولا، ولعل الخبر عن الأمير كرم الله تعالى وجهه غير صحيح.
* (ما تذر من شىء أتت عليه إلا جعلته ك الرميم) *.
* (ما تذر من شيء) * ما تدع شيئا * (أتت عليه) * جرت عليه * (إلا جعلته ك الرميم) * الشيء البالي من عظم، أو نبات، أو غير ذلك من رم الشيء بلي، ويقال للبالي: رمام كغراب، وأرم أيضا لكن قال الراغب: يختص الرم بالفتات من الخشب والتبن، والرمة بالكسر تختص بالعظم البالي، والرمة بالضم بالحبل البالي، وفسره السدي هنا بالتراب، وقتادة بالهشيم، وقطرب بالرماد، وفسره ابن عيسى بالمنسحق الذي لا يرم أي لا يصلح كأنه جعل الهمزة في أرم للسلب، والجملة بعد * (إلا) * حالية، والشيء هنا عام مخصوص أي من شيء أراد الله تعالى تدميره وإهلاكه من ناس. أو ديار. أو شجر. أو غير ذلك، روي أن الريح كانت تمر بالناس فيهم الرجل من عاد فتنتزعه من بينهم وتهلكه.
* (وفى ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين) *.
* (وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين) * أخرج البيهقي في سننه عن قتادة أنه ثلاثة أيام - وإليه ذهب الفراء. وجماعة - قال: تفسيره قوله تعالى: * (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام) * (هود: 65) واستشكل بأن هذا التمتع مؤخر عن العتو لقوله تعالى: * (فعقروها فقال تمتعوا) * الخ، وقوله تعالى:
* (فعتوا عن أمر ربهم فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون) *.
* (فعتوا عن أمر ربهم) * يدل على أن العتو مؤخر، وأجيب بأن هذا مرتب على تمام القصة كأنه قيل: وجعلنا في زمان قولنا ذلك لثمود آية أو وفي زمان قولنا ذلك لثمود آية، ثم أخذ في بيان كونه آية فقيل. * (فعتوا عن أمر ربهم) * أي فاستكبروا عن الامتثال به إلى الآخر، فالفاء للتفصيل قال في " الكشف ". وهو الظاهر من هذا المساق، وكذلك قوله تعالى: * (فتولى بركنه) * مرتب على القصة زمان إرسال موسى عليه السلام بالسلطان، وإن كان هناك لا مانع من الترتب على الإرسال وذلك لأنه جىء بالظرف مجىء الفضلة حيث جعل فيه الآية، والقصة من توليهم إلا هلاكهم انتهى، وقال الحسن: هذا أي - القول لهم تمتعوا حتى حين - كان حين بعث إليهم صالح أمروا بالإيمان بما جاء به، والتمتع إلى أن تأتي آجالهم - ثم عتوا بعد ذلك - قال في " البحر "، ولذلك جاء العطف بالفاء المقتضية تأخر العتو عما أمروا به فهو مطابق لفظا ووجودا واختاره الإمام فقال. قال بعض المفسرين: المراد بالحين الأيام الثلاثة التي أمهلوها بعد عقر الناقة وهو ضعيف لأن ترتب فعتوا بالفاء دليل على أن العتو كان بعد القول المذكور، فالظاهر أنه ما قدر الله تعالى من الآجال فما من أحد إلا وهو ممهل مدة الأجل كأنه يقول له. تمتع إلى آخر أجلك فإن أحسنت فقد حصل لك التمتع في الدارين وإلا فمالك في الآخرة من نصيب انتهى، وما تقدم أبعد مغزى * (فأخذتهم الصاعقة) * أي أهلكتهم، روي أن صالحا عليه السلام وعدهم الهلاك بعد ثلاثة أيام، وقال لهم: تصبح وجوهك غدا مصفرة. وبعد غد محمرة. واليوم الثالث مسودة ثم يصبحكم العذاب، ولما رأوا الآيات التي بينها عليه السلام عمدوا إلى قتله فنجاه الله تعالى فذهب إلى أرض فلسطين ولما كان ضحوة اليوم الرابع تحنطوا وتكفنوا بالأنطاع فأتتهم الصاعقة وهي نار من السماء، وقيل: صيحة منها فهلكوا، وقرأ عمر. وعثمان رضي الله تعالى عنهما. والكسائي الصعقة