تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ١٣
هو عند الجمهور إسحاق بن سارة وهو الحق للتنصيص على أنه المبشر به في سورة هود، والقصة واحدة، وقال مجاهد: إسماعيل ابن هاجر كما رواه عنه ابن جرير وغيره ولا يكاد يصح * (عليم) * عند بلوغه واستوائه، وفيه تبشير بحياته وكانت البشارة بذكر لأنه أسر للنفس وأبهج، ووصفه بالعلم لأنها الصفة التي يختص بها الإنسان الكامل لا الصورة والجميلة والقوة ونحوهما، وهذا عند غير الأكثرين من أهل هذا الزمان فإن العلم عندهم لا سيما العلم الشرعي رذيلة لا تعادلها رذيلة والجهل فضيلة لا توازنها فضيلة، وفي صيغة المبالغة مع حذف المعمول ما لا يخفى مما يوجب السرور، وعن الحسن * (عليم) * نبي ووقعت البشارة بعد التأنيس، وفي ذلك إشارة إلى أن درء المفسدة أهم من جلب المصلحة، وذكر بعضهم أن علمه عليه السلام بأنهم ملائكة من حيث بشروه بغيب.
* (فأقبلت امرأته فى صرة فصكت وجهها وقالت عجوز عقيم) *.
* (فأقبلت امرأته) * سارة لما سمعت بشارتهم إلى بيتها وكانت في زاوية تنظر إليهم، وفي التفسير الكبير إنها كانت في خدمتهم فلما تكلموا مع زوجها بولادتها استحيت وأعرضت عنهم فذكر الله تعالى ذلك بلفظ الإقبال على الأهل دون الإدبار على الملائكة، وهو إن صح مثله عن نقل وأثر لا يأباه الخطاب الآتي لأنه يقتضي الإقبال دون الإدبار إذ يكفي لصحته أن يكون بمسمع منها وإن كانت مدبرة، نعم في الكلام عليه استعارة ضدية ولا قرينة ههنا تصححها، وقيل: أقبلت بمعنى أخذت كما تقول أخذ يشتمني * (في صرة) * في صيحة من الصرير قاله ابن عباس، وقال قتادة. وعكرمة: صرتها رنتها، وقيل: قولها أوه، وقيل: يا ويلتي، وقيل: في شدة، وقيل: الصرة الجماعة المنضم بعضهم إلى بعض كأنهم صروا أي جمعوا في وعاء - وإلى هذا ذهب ابن بحر - قال: أي أقبلت في صرة من نسوة تبادرن نظرا إلى الملائكة عليهم السلام، والجار والمجرور في موضع الحال، أو المفعول به إن فسر * (أقبلت) * بأخذت قيل: إن * (في) * عليه زائدة كما في قوله: يجرح في عراقيبها نصلي * والتقدير أخذت صيحة، وقيل: بل الجار والمجرور في موضع الخبر لأن الفعل حينئذ من أفعال المقاربة * (فصكت وجهها) * قال مجاهد: ضربت بيدها على جبهتها وقالت: يا ويلتاه، وقيل: إنها وجدت حرارة الدم فلطمت وجهها من الحياء، وقيل: إنها لطمته تعجبا وهو فعل النساء إذا تعجبن من شيء * (وقالت عجوز) * أي أنا عجوز * (عقيم) * عاقر فكيف ألد، وعقيم فعيل قيل: بمعنى فاعل أو مفعول وأصل معنى العقم اليبس.
* (قالوا كذلك قال ربك إنه هو الحكيم العليم) *.
* (قالوا كذلك) * أي مثل ذلك القول الكريم الذي أخبرنا به * (قال ربك) * وإنما نحن معبرون نخبرك به عنه عز وجل لا أنا نقوله من تلقاء أنفسنا، وروي أن جبريل عليه السلام قال لها: انظري إلى سقف بيتك فنظرت فإذا جذوعه مورقة مثمرة * (إنه هو الحكيم العليم) * فيكون قوله عز وجل حقا وفعله سبحانه متقنا لا محالة، وهذه المفاوضة لم تكن مع سارة فقط بل كانت مع إبراهيم أيضا حسبما تقدم في سورة الحجر، وإنما لم يذكر ههنا اكتفاءا بما ذكر هناك كما أنه لم يذكر هناك سارة اكتفاءا بما ذكر - ههنا وفي سورة هود -.
* (قال فما خطبكم أيها المرسلون) *.
* (قال) * أي إبراهيم عليه السلام لما علم أنهم ملائكة أرسلوا لأمر * (فما خطبكم) * أي شأنكم الخطير الذي لأجله أرسلتم سوى البشارة * (أيها المرسلون) *.
* (قالوا إنآ أرسلنآ إلى قوم مجرمين) *.
* (قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين) * يعنون قوم لوط عليه السلام.
* (لنرسل عليهم حجارة من طين) *.
* (لنرسل عليهم) * أي بعد قلب قراهم عاليها سافلها حسبما فصل في سائر السور الكريمة
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 ... » »»