تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٧ - الصفحة ٥
ونعيم عن أبي عمرو - الحبك - بإسكان الباء على زنة القفل، وعكرمة بفتحها جمع حبكة مثل طرفة وطرف وبرقة وبرق، وأبو مالك الغفاري. والحسن بخلاف عنه أيضا بكسر الحاء والباء - كالإبل - وهو على ما ذكر الخفاجي اسم مفرد ورد على هذا الوزن شذوذا وليس جمعا، وأبو مالك. والحسن. وأبو حيوة أيضا بكسر الحاء وإسكان الباء كالسلك - وهو تخفيف فعل مكسور الفاء والعين وهو اسم مفرد لا جمع لأن فعللا ليس من أبنية الجموع - قاله في البحر - وابن عباس. وأبو مالك أيضا بفتحهما كالجبل - قال أبو الفضل الرازي - فهو جمع حبكة مثل عقبة وعقب، والحسن أيضا بكسر الحاء وفتح الباء كالنعم، وأبو مالك أيضا بكسر الحاء وضم الباء وذكرها ابن عطية عن الحسن أيضا ثم قال: هي قراءة شاذة غير متوجهة وكأن بعد أن كسر الحاء توهم قراءة الجمهور فضم التاء وهذا من تداخل اللغات وليس في كلام العرب هذا البناء أي لأن فيه الانتقال من خفة إلى ثقل على عكس ضرب مبنيا للمفعول، وقال " صاحب اللوامح ": هو عديم النظير في العربية في أبنيتها وأوزانها ولا أدري ما وراءه انتهى.
وعلى التداخل تأول النحاة هذه القراءة، وقال أبو حيان: الأحسن عندي أن يكون ذلك مما أتبع فيه حركة الحاء لحركة تاء * (ذات) * في الكسر ولم يعتد بالام الساكنة لأن الساكن حاجز غير حصين.
* (إنكم لفى قول مختلف) *.
* (إنكم لفي قول مختلف) * أي متخالف متناقض في أمر الله عز وجل حيث تقولون: إنه جل شأنه خالق السموات والأرض وتقولون بصحة عبادة الأصنام معه سبحانه ، وفي أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فتقولون: تارة إنه مجنون، وأخرى إنه ساحر ولا يكون الساحر إلا عاقلا، وفي أمر الحشر فتقولون: تارة لا حشر ولا حياة بعد الموت أصلا، وتزعمون أخرى أن أصنامكم شفعاؤكم عند الله تعالى يوم القيامة إلى غير ذلك من الأقوال المتخالفة فيما كلفوا بالايمان به، واقتصر بعضهم على كون القول المختلف في أمره صلى الله عليه وسلم، والجملة جواب القسم ولعل النكتة في ذلك القسم تشبيه أقوالهم في اختلافها وتنافي أغراضها بطرائق السموات في تباعدها واختلاف هيآتها، أو الإشارة إلى أنها ليست مستوية جيدة، أو ليست قوية محكمة، أو ليس فيها ما يزينها بل فيها ما يشينها من التناقض.
* (يؤفك عنه من أفك) *.
* (يؤفك عنه من أفك) * أي يصرف عن الايمان بما كلفوا الايمان به لدلالة الكلام السابق عليه، وقال الحسن. وقتادة: عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال غير واحد: عن القرآن، والكلام السابق مشعر بكل من صرف الصرف الذي لا أشد منه وأعظم؛ ووجه المبالغة من إسناد الفعل إلى من وصف به فلولا غرض المبالغة لكان من توضيح الواضح فكأنه أثبت للمصروف صرف آخر حيث قيل: * (يصرف عنه) * المصروف فجاءت المبالغة من المضاعفة ثم الإطلاق في المقام الخطابي له مدخل في تقوية أمر المضاعفة وكذلك الإبهام الذي في الموصول، وهو قريب من قوله تعالى: * (فغشيهم من اليم ما غشيهم) * (طه: 78) وقيل: المراد * (يصرف عنه) * في الوجود الخارجي من * (صرف عنه) * في علم الله تعالى وقضائه سبحانه، وتعقب بأنه ليس فيه كثير فائدة لأن كل ما هو كائن معلوم أنه ثابت في سابق علمه تعالى الأزلي وليس فيه المبالغة السابقة، وأجيب عن الأول بأن فيه الإشارة إلى أن الحجة البالغة لله عز وجل في صرفه وكفى بذلك فائدة وهو مبني أن العلم تابع للمعلوم فافهمه، وحكى الزهراوي أنه يجوز أن يكون الضمير * (لما توعدون) * أو - للدين - أقسم سبحانه - بالذاريات - على أن وقوع أمر القيامة حق ثم أقسم بالسماء على أنهم في * (قول مختلف) * في وقوعه، فمنهم شاك،
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 ... » »»