" البحر " عن ابن عمر. وجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهم أنه عليه الصلاة والسلام قرأ عليهم سورة الرحمن فكان إذا قال: * (فبأي ءالاء ربكما تكذبان) * قالوا: لا بشيء من آيات ربنا نكذب ربنا لك الحمد، وأخرج أبو نعيم في " الدلائل ". والواقدي عن أبي جعفر قال: قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم الجن في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من النبوة وفي معناه ما قيل: كانت القصة قبل الهجرة بثلاث سنين بناء على ما صح عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم مكث بمكة يوحى إليه ثلاث عشرة سنة وفي المسألة خلاف والمشهور ما ذكر.
وقيل: كان استماع الجن في ابتداء الإيحاء.
* (قالوا ياقومنآ إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدىإلى الحق وإلى طريق مستقيم) *.
* (قالوا) * أي عند رجوعهم إلى قومهم * (ياقومنا إنا سمعنا كتابا) * جليل الشأن * (أنزل من بعد موسى) * ذكروه دون عيسى عليه السلام مأمورا بالعمل بمعظم ما فيه أو بكله، وقال عطاء: لأنهم كانوا على اليهودية ويحتاج إلى نقل صحيح، وعن ابن عباس أن الجن لم تكن سمعت بأمر عيسى عليه السلام فلذا قالوا ذلك، وفيه بعد فإن اشتهار أمر عيسى عليه السلام وانتشارا أمر دينه أظهر من أن يخفى لا سيما على الجن، ومن هنا قال أبو حيان: إن هذا لا يصح عن ابن عباس * (مصدقا لما بين يديه) * من التوراة أو جميع الكتب الإلهية السابقة * (يهدي إلى الحق) * من العقائد الصحيحة * (وإلى طريق مستقيم) * من الأحكام الفرعية أو ما يعمها وغيرها من العقائد على أنه من ذكر العام بعد الخاص.
* (ياقومنآ أجيبوا داعى الله وءامنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم) *.
* (ياقومنا أجيبوا داعي الله) * أرادوا به ما سمعوه من الكتاب ووضفوه بالدعوة إلى الله تعالى بعدما وصفوه بالهداية إلى الحق والطريق المستقيم لتلازمهما، وفي الجمع بينهما ترغيب لهم في الإجابة أي ترغيب، وجوز أن يكون أرادوا به الرسول صلى الله عليه وسلم * (وءامنوا به) * أي بداعي الله تعالى أو بالله عز وجل * (يغفر لكم من ذنوبكم) * أي بعض ذنوبكم قيل: وهو ما كان خالص حقه عز وجل فإن حقوق العباد لا تغفر بالايمان. وتعقبه ابن المنير بأن الحربي إذا نهب الأموال وسفك الدماء ثم حسن إسلامه جب إسلامه إثم ما تقدم بلا إشكال ثم قال ويقال: إنه لم يرد وعد المغفرة للكافرين على تقدير الايمان في كتاب الله تعالى إلا مبعضة وذا منه فإن لم يكن لإطراده كذلك سر فما هو إلا أن مقام الكافرين قبض لا بسط فلذلك لم يبسط رجاؤه في مغفرة جملة الذنوب، وقد ورد في حق المؤمنين كثيرا، ورده صاحب الانصاف بأن مقام ترغيب الكافر في الإسلام بسط لا قبض وقد أمر الله تعالى أن يقول لفرعون: * (قولا لينا) * وقد قال تعالى: * (أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) * (الأنفال: 38) وهي غير مبعضة و * (ما) * للعموم لا سيما وقد وقعت في الشرط.
وقال بعض أجلة المحققين: إن الحربي وإنكان إذا أسلم لا تبقى عليه تبعة أصلا لكن الذمي إذا أسلم تبقى عليه حقوق الآدميين، والقوم - كما نقل عن عطاء - كانوا يهودا فتبقى عليهم تبعاتهم فيما بينهم إذا أسلموا جميعا من غير حرب فلما كان الخطاب معهم جيء بما يدل على التبعيض، وقيل: جيء به لعدم علم الجن بعد بأن الإسلام يجب اثم ما قبله مطلقا وفيه توقف، وقد يقال: أرادوا بالبعض الذنوب السالفة ولو لم يقولوا ذلك لتوهم المخاطبون أنهم إن أجابوا داعي الله تعالى وآمنوا به يغفر لهم ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر، وقيل: من زائدة أي يغفر لكم ذنوبكم * (ويجركم من عذاب أليم) * معد للكفرة، وهذا ونحوه يدل على أن الجن