أو لما دل عليه * (ذلك حشر) * أي يحشرون يوم تشقق. وقرأ نافع. وابن عامر * (تشق) * بشد الشين وقرىء * (تشقق) * بضم التاء مضارع شققت على البناء للمفعول و * (تنشق) * مضارع انشقت. وقرأ زيد بن علي * (تتشقق) * بتاءين، وقوله تعالى: * (سراعا) * مصدر وقع حالا من الضمير في * (عنهم) * بأتويل مسرعين والعامل " تشقق " وقيل: التقدير يخرجون سراعا فتكون حالا من الواو والعامل يخرحج، وحكاه أبو حيان عن الحوفي ثم قال: ويجوز أن يكون هذا المقدر عاملا في * (يوم تشقق) * أخرج ابن المنذر عن مجاهد أنه قال في الآية: تمطر السماء عليهم حتى تنشق الأرض عنهم، وجاء إن أول من تنشق عنه الأرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج الترمذي وحسنه. والطبراني. والحاكم واللفظ له عن ابن عمر قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أول من تنشق عنه الأرض ثم أبو بكر وعمر ثم أهل البقيع فيحشرون معى ثم أنتظر أهل مكة وتلا ابن عمر * (يوم تشقق الأرض عنهم سراعا) * " * (ذالك حشر) * بعث وجمع * (علينا يسير) * أي هين، وتقديم الجار والمجرور لتخصيص اليسر به عز وجل فإنه سبحانه العالم القادر لذاته الذي لا يشغله شأن عن شأن * (نحن أعلم بما يقولون) * من نفي البعث وتكذيب الآيات الناطقة وغير ذلك مما لا خير فيه، وهذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم وتهديد لهم.
* (نحن أعلم بما يقولون ومآ أنت عليهم بجبار فذكر بالقرءان من يخاف وعيد) *.
* (وما أنت عليهم بجبار) * أي ما أنت مسلط عليهم تقسرهم على الايمان أو تفعل بهم ما تريد وأنما أنت منذر، فالباء زائدة في الخبر و * (عليهم) * متعلق به.
ويفهم من كلام بعض الأجلة جواز كون * (جبار) * من جبره على الأمر قهره عليه بمعنى أجبره لا من أجبره إذ لم يجيء فعال بمعنى مفعل من أفعل إلا فيما قل كدراك وسراع، وقال علي بن عيسى: لم يسمع ذلك إلا في دراك.
وقيل: جبار من جبر بمعنى أجبر لغة كنانة وإن * (عليهم) * متعلق بمحذوف وقع حال أي ما أنت جبار تجبرهم على الايمان واليا عليهم، وهو محتمل للتضمين وعدمه فلا تغفل، وقيل: أريد التحلم عنهم وترك الغلظة عليهم، وعليه قيل: الآية منسوخة، وقيل: هي منسوخة على غيره أيضا بآية السيف * (فذكر القرءان من يخاف وعيد) * فإنه لا ينتفع به غيره، وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: " قالوا يا رسول الله لوخوفتنا فنزلت فذكر بالقرآن من يخاف وعيد " وما أنسب هذا الاختتام بالافتتاح بقوله سبحانه: * (ق والقرآن المجيد) * (ق: 1) هذا وللشيخ الأكبر قدس سره في قوله تعالى: * (بل هم في لبس من خلق جديد) * (ق: 15) ولغير واحد من الصوفية في قوله سبحانه: * (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) * (ق: 16) كلام أشرنا إليه فيما سبق، ومنهم من يجعل * (ق) * إشارة إلى الوجود الحق المحيط بجميع الموجودات والله من ورائهم محيط، وقيل: هو إشارة إلى مقامات القرب، وقيل: غير ذلك، وطبق بعضهم سائر آيات السورة على مافي الأنفس وهو مما يعلم بأدنى التفات ممن له أدنى ممارسة لكلامهم والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.