تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٦ - الصفحة ٢٧
وقول الآخر وعزاه ابن جني لذي الرمة أيضا: برى النحز والاجرال ما في غروضها * وما بقيت إلا الضلوع الجراشع وبعضهم يجيزه مطلقا وتمام الكلام فيه في محله، وقرأ عيسى الهمداني * (لا يرى) * بضم الياء التحتية * (إلا مسكنهم) * بالتوحيد والرفع وروى هذا عن الأعمش. ونصر بن عاصم، وقرىء * (لا ترى) * بتاء فوقية مفتوحة * (إلا مسكنهم) * مفردا منصوبا وهو الواحد الذي أريد به الجمع أو مصدر حذف مضافه أي آثار سكونهم * (كذالك) * أي مثل ذلك الجزاء الفظيع * (نجزي القوم المجرمين) * أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب. وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال في قوله تعالى: * (فلما رأوه) * الآية أول ما عرفوا أنه عذاب ما رأوا ما كان خارجا من رحالهم ومواشيهم يطير بين السماء والأرض مثل الريش فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فجاءت الريح ففتحت أبوابهم ومالت عليهم بالرمل فكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام حسوما لهم أنين فأمر الله تعالى الريح فكشفت عنهم الرمل وطرحتهم في البحر فهو قوله تعالى: * (فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم) *.
وروى أن أول من أبصر العذاب امرأة منهم رأت ريحا فيها كشهب النار، وروى أن هودا عليه السلام لما أحس بالريح خط على نفسه وعلى المؤمنين خطا إلى جنب عين تنبع، وعن ابن عباس أنه عليه السلام اعتزل وم معه في حظيرة ما يصيبهم من الريح إلا ما يلين به الجلود وتلذه الأنفس، وأنها لتمر من عاد بالظعن بين السماء والأرض وتدمغهم بالحجارة، وكانت كما أخرج ابن أبي شيبة. وابن جرير عن عمرو بن ميمون تجيء بالرجل الغائب، ومر في سورة الأعراف مما يتعلق بهم ما مر فارجع إليهم إن أردته، ولما أصابهم من الريح ما أصابهم كان صلى الله عليه وسلم يدعو إذا عصفت الريح.
أخرج مسلم. والترمذي. والنسائي. وابن ماجه. وعبد بن حميد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به فإذا أخيلت السماء تغير لونه صلى الله عليه وسلم وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا مطرت سرى عنه فسألته فقال عليه الصلاة والسلام: لا أدري لعله كما قال قوم عاد هذا عارض ممطرنا ".
* (ولقد مكن‍اهم فيمآ إن مكن‍اكم فيه وجعلنا لهم سمعا وأبص‍ارا وأفئدة فمآ أغنى عنهم سمعهم ولا أبص‍ارهم ولا أفئدتهم من شىء إذ كانوا يجحدون بااي‍ات الله وحاق بهم ما كانوا به يستهزءون) *.
* (ولقد مكناهم) * أي قررنا عادا وأقدرناهم، و * (ما) * في قوله تعالى: * (فيما إن مكناهم فيه) * موصولة أو موصوفة و * (إن) * نافية أي في الذي أوفى شيء ما مكنا فيه من السعة والبسطة وطول الأعمار وسائر مبادي التصرفات كما في قوله تعالى: * (وكم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم) * (الأنعام: 6) ولم يكن النفي بلفظ * (ما) * كراهة لتكرير اللفظ وإن اختلف المعنى، ولذا قال من ذهب إلى أن أصل مهما ماما على أن ما الشرطية مكررة للتأكيد قلبت الألف الأولى هاء فرارا من كراهة التكرار، وعابوا على المتنبي قوله: لعمرك ماما بان لضارب * بأقتل مما بان منك لعائب أي ما الذي بان الخ، يريد لسانه لا يتقاعد عن سنانه هذا للعائب وذلك للضارب، وكان يسعه أن يقول: إن مابان، وادخال الباء للنفي لا للعمل على أن اعمال إن قد جاء عن المبرد، قيل: * (إن) * شرطية محذوفة
(٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 ... » »»