تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٦ - الصفحة ٣٥
به من الذبح. ويعقوب عليه السلام صبر على فقد ولده. ويوسف عليه السلام صبر على البئر والسجن وأيوب عليه السلام صبر على البلاء. وموسى عليه السلام قال له قومه: * (إنا لمدركون) * (الشعراء: 61) فقال: * (إن معي ربي سيهدين) * (الشعراء: 62) وداود عليه السلام بكى على خطيئته أربعين سنة وعيسى عليه السلام لم يضع لبنة على لبنة وقال: إنها يعني الدنيا معبرة فاعبروها ولا تعمروها، وقيل: سبعة آدم. ونوح. وإبراهيم. وموسى. وداود. وسليمان. وعيسى عليهم السلام، وقيل: ستة وهم الذين أمروا بالقتال وهم نوح. وهود. وصالح. وموسى. وداود. وسليمان، وأخرجه ابن مردويه عن ابن عباس، وعن مقاتل أنهم ستة ولم يذكر حديث الأمر بالقتال وقال: هم نوح. وإبراهيم. وإسحق. ويعقوب. ويوسف. وأيوب. وأخرج ابن عساكر عن قتادة أنهم نوح. وهود. وإبراهيم. وشعيب. وموسى عليهم السلام.
وظاهره القول بأنهم خمسة وأخرج عبد الرزاق. وعبد بن حميد. وابن المنذر عنه أنهم نوح. وإبراهيم. وموسى. وعيسى وظاهره القول بأنهم أربعة وهذا أصح الأقوال. وقول الجلال السيوطي: إن أصحها القول بأنهم خمسة هؤلاء الأربعة ونبينا صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين وأخرج ذلك ابن أبي حاتم. وابن مردويه عن ابن عباس وهو المروى عن أبي جعفر. وأبي عبد الله من أئمة أهل البيت رضي الله تعالى عنهم ونظمهم بعض الأجلة فقال: أولو العزم نوح والخليل الممجد * وموسى وعيسى والحبيب محمد مبني على أنهم كذلك بعد نزول الآية وتأسى نبينا عليه الصلاة والسلام بمن أمر بالتأسي به ولم يرد أن أصح الأقوال أن المراد بهم في الآية أولئك الخمسة صلى الله تعالى عليهم وسلم إذ يلزم عليه أمره عليه الصلاة والسلام أن يصبر كصبره نفسه ولا يكاد يصح ذلك، وعلى هذا قول أبي العالية فيما أخرجه عبد بن حميد. وأبو الشيخ. والبيهقي في شعب الإيمان. وابن عساكر عنه أنهم ثلاثة نوح. وإبراهيم. وهود ورسول الله صلى الله عليه وسلم رابع لهم، ولعل الأولى في الآية القول الأول وإن صار أولوا العزم بعد مختصا بأولئك الخمسة عليهم الصلاة والسلام عند الاطلاق لاشتهارهم بذلك كما في الأعلام الغالبة فكأنه قيل: فاصبر على الدعوة إلى الحق ومكابدة الشدائد مطلقا كما صبر إخوانك الرسل قبلك * (ولا تستعجل لهم) * أي لكفار مكة بالعذاب أي لا تدع بتعجيله فإنه على شرف النزول بهم * (كأنهم يوم يرون ما يوعدون) * من العذاب * (لم يلبثوا) * في الدنيا * (إلا ساعة) * يسيرة * (من نهار) * لما يشاهدون من شدة العذاب وطول مدته. وقرأ أبي * (من النهار) * وقوله تعالى: * (بلاغ) * خبر مبتدأ محذوف أي هذا الذي وعظته به كفاية في الموعظة أو تبليغ من الرسول، وجعل بعضهم الإشارة إلى القرآن أو ما ذكر من السورة. وأيد تفسير * (بلاغ) * بتبليغ بقراءة أبي مجاز. وأبي سراج الهذلي * (بلغ) * بصيغة الأمر له صلى الله عليه وسلم، وبقراءة أبي مجاز أيضا في رواية * (بلغ) * بصيغة الماضي من التفعيل، واستظهر أبو حيان كون الإشارة إلى ما ذكر من المدة التي لبثوا فيها كأنه قيل: تلك الساعة بلاغهم كما قال تعالى: * (متاع قليل) * وقال أبو مجاز: * (بلاغ) * مبتدأ خبره قوله تعالى: * (لهم) * السابق فيوقف على * (ولا تستعجل) * ويبتدأ بقوله تعالى: * (لهم) * وتكون الجملة التشبيهية معترضة بين المبتدأ والخبر؛ والمعنى لهم انتهاء وبلوغ إلى وقت فينزل بهم العذاب؛ وهو ضعيف جدا لما فيه من الفصل ومخالفة الظاهر إذ الظاهر تعلق * (لهم) * بتستعجل. وقرأ الحسن. وزيد بن علي. وعيسى * (بلاغا) * بالنصب بتقدير بلغ بلاغا أو بلغنا بلاغا أو نحو ذلك. وقرأ الحسن أيضا * (بلاغ) * بالجر على أنه نعت لنهار.
* (فهل يهلك إلا القوم الفاسقون) * الخارجون عن الاتعاظ أو عن الطاعة، وفي الآية من الوعيد والإنذار
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»