ما فيها. وقرأ ابن محيصن فيما حكى عنه ابن خالويه * (يهلك) * بفتح الياء وكسر اللام، وعنه أيضا * (يهلك) * بفتح الياء واللام وماضيه هلك بكسر اللام وهي لغة، وقال أبو الفتح: هي مرغوب عنها. وقرأ زيد بن ثابت * (نهلك) * بنون العظمة من الاهلاك * (القوم الفاسقين) * بالنصب، وهذه الآية أعني في قوله تعالى: * (كأنهم) * إلى الآخر جاء في بعض الآثار ما يشعر بأن لها خاصية من بين آي هذه السورة. أخرج الطبراني في الدعاء عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا طلبت حاجة وأحببت أن تنجح فقل: لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحليم الكريم بسم الله الذي لا إله إلا هو الحي الحليم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها. كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون اللهم إني اسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلام من كل اثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنحاة من النار اللهم لا تدع لي ذنيا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا دينا إلا قضيته ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين.
سورة محمد صلى الله عليه وسلم وتسمى سورة القتال، وهي مدنية عند الأكثرين ولم يذكروا استثناء، وعن ابن ابن عباس. وقتادة أنها مدنية إلا قوله تعالى: * (وكأين من قرية) * (الحج: 48) إلى آخره فانه صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة إلى الغار التفت إليه وقال: " إنت أحب بلاد الله تعالى إلى الله وأنت أحب بلاد الله تعالى إلي ولولا أن أهلك أخرجوني منك لم أخرج منك " فأنزل الله تعالى ذلك فيكون مكيا بناء على أن ما نزل في طريق المدينة قبل ان يبلغها النبي صلى الله عليه وسلم - أعني ما نزل في سفر الهجرة - من المكي اصطلاحا كما يؤخذ من أثر أخرجه عثمان بن سعيد الدارمي بسنده إلى يحيى بن سلام، وعدة أيها أربعون في البصرى وثمان وثلاثون في الكوفى وتسع بالتاء الفوقية وثلاثون فيما عداهما، والخلاف في قوله تعالى: * (حتى تضع الحرب أوزارها) * (محمد: 4) وقوله تعالى: * (لذة للشاربين) * (الصافات: 46) ولا يخفى قوة ارتباط أولها بآخر السورة قبلها واتصاله وتلاخمه بحيث لو سقطت من البين البسملة لكانا متصلا واحدا لا تنافر فيه كالآية الواحدة آخذا بعضه بعنق بعض، وكان صلى الله عليه وسلم على ما أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يقرؤها في صلاة المغرب.
وأخرج ابن مردويه عن علي كرم الله تعالى وجهه أنه قال: نزلت سورة محمد آية فينا وآية في بني أمية، ولا أظن صحة الخبر. نعم لكفار بني أمية الحظ الأوفر من عمومات الآيات التي في الكفار كما أن لأهل البيت رضي الله تعالى عنهم المعلى والرقيب من عمومات الآيات التي في المؤمنين، وأكثر من هذا لا يقال سوى أني أقول: لعن الله تعالى من قطع الأرحام وآذى الآل.
* (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم) *.
* (الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) * أي أعرضوا عن الإسلام وسلوك طريقه أو منعوا غيرهم عن ذلك على أن صد لازم أو متعد، قال في الكشف: والأول أظهر لأن الصد عن سبيل الله هو الاعراض عما أتى به محمد صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: * (قل هذه سبيلبي أدعو إلى الله) * (يوسف: 108) فيطابق قوله تعالى: * (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وءامنوا بما نزل على محمد) * (محمد: 2) وكثير من الآثار تؤيد الثاني، وفسر الضحاك * (سبيل الله) * ببيت الله عز وجل، وقال: صدهم عنه منعهم قاصديه وليس بذلك.