تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٦ - الصفحة ١٨١
أخرج أبو الشيخ في العظمة. والبيهقي في " شعب الايمان " عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله تعالى وكل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله فإذا مات قال الملكان اللذان وكلا به: قد مات فأذن لنا أن نصعد إلى السماء فيقول الله تعالى: سمائي مملوءة من ملائكتي يسبحوني فيقولان: أنقيم في الأرض؟ فيقول الله تعالى: أرضي مملوءة من خلقي يسبحوني فيقولان فأين؟ فيقول: قوما على قبر عبدي فسبحاني واحمداني وكبراني واكتبا ذلك لعبدي إلى يوم القيامة، وجاء أنهما يلعنانه إلى يوم القيامة إن كان كافرا.
وقال الحسن: الحفظة أربعة اثنان بالنهار واثنان بالليل وهو يحتمل التبدل بأن يكون في كل يوم وليلة أربعة غير الأربعة التي في اليوم والليلة قبلهما وعدمه. وقال بعضهم: إن ملك الحسنات يتبدل تنويها بشأن الطائع وملك السيإت لا يتبدل سترا على العاصي في الجملة، والظاهر أنهما لا يفارقان الشخص وقالوا: يفارقانه عند الجماع ودخول الخلاء، ولا يمنع ذلك من كتبهما ما يصدر عنه في تلك الحال، ولهما علامة للحسنة والسيئة بدنيتين كانا أو قلبيتين، وبعض الأخبار ظاهرة في أن ما في النفس لا يكتب، أخرج ابن المبارك. وابن أبي الدنيا في الإخلاص. وأبو الشيخ في العظمة عن ضمرة بن حبيب قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة يصعدون بعمل العبد من عباد الله تعالى فيكثرونه ويزكونه حتى ينتهوا به حيث شاء الله تعالى من سلطانه فيوحى الله تعالى إليهم إنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه إن عبدي هذا لم يخلص لي عمله فاجعلوه في سجين قال: ويصعدون بعمل العبد من عباد الله تعالى فيستقلونه ويحتقرونه حتى ينتهوا به حيث شاء الله تعالى من سلطانه فيوحى الله تعالى إليهم إنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه فضاعفوه له واجعلوه في عليين " وجاء من حديث عبد الله بن أحمد في " زوائد الزهد " عن أبي عمران الجوني أنه ينادي الملك اكتب لفلان بن فلان كذا وكذا أي من العمل الصالح فيقول: يا ربو إنه لم يعمله فيقول: سبحانه وتعالى إنه نواه، وقد يقال: إنهما يكتبان ما في النفس ما عدا الرياء والطاعات المنوية جمعا بين الأخبار، وجاء أن يكتب للمريض والمسافر مثل ما كان يعمل في الصحة والإقامة من الحسنات.
أخرج ابن أبي شيبة. والدارقطني في " الإفراد ". والطبراني. والبيهقي في " الشعب " عن عبد الله بن عمرو قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أحد من المسلمين يبتلي ببلاء في جسده إلا أمر الله تعالى الحفظة فقال: اكتبوا لعبدي ما كان يعمل وهو صحيح ما دام مشدودا في وثاقي " وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مرض أو سافر كتب الله تعالى له ما كان يعمل صحيحا مقيما " وفي بعض الآثار ما يدل على أن بعض الطاعات يكتبها غير هذين الملكين، ثم إن الملائكة الذين مع الإنسان ليسوا محصورين بالملكين الكاتبين، فعن عثمان أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم كم ملك على الإنسان؟ فذكر عشرين ملكا قاله المهدوي في " الفيصل "، وذكر بعضهم أن المعقبات في قوله تعالى: * (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) * (الرعد: 11) غير الكاتبين بلا خلاف، وحكى اللقاني عن ابن عطية أن كل آدمي يوكل به من حين وقوعه نطفة في الرحم إلى موته أربعمائة ملك، والله تعالى أعلم بصحة ذلك.
وروى ابن المنذر. وأبو الشيخ في العظمة عن ابن المبارك أنه قال: وكل بالعبد خمسة أملاك ملكان بالليل وملكان بالنهار يجيئان ويذهبان وملك خامس لا يفارقه لا ليلا ولا نهارا، وقوله تعالى:
* (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) *.
(١٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 ... » »»