حقيقيا لشيوعه.
* (والارض مددناها وألقينا فيها رواسى وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج) *.
* (والأرض مددناها) * بسطناها وهو لا ينافي كريتها التامة أو الناقصة من جهة القطبين لمكان العظم * (وألقينا فيها رواسي) * جبالا ثوابت تمنعها من الميد كما يدل عليه قوله تعالى في آية أخرى: * (رواسي أن تميد بكم) * (النحل: 15) وهو ظاهر في عدم حركة الأرض، وخالف في ذلك بعض الفلاسفة المتقدمين وكل الفلاسفة الموجودين اليوم، ووافقهم بعض المغاربة من المسلمين فزعموا أنها تتحرك بالحركة اليومية بما فيها من العناصر وأبطلوا أدلة المتقدمين العقلية على عدم حركتها، وهل يكفر القائل بذلك الذي يغلب على الظن لا * (وأنبتنا فيها من كل زوج) * صنف * (بهيج) * حسن يبهج ويسر من نظر إليه.
* (تبصرة وذكرى لكل عبد منيب) *.
* (تبصرة وذكرى لكل عبد منيب) * راجع إلى ربه، وهو مجاز عن التفكر في بدائع صنعه سبحانه بتنزيل التفكر في المصنوعات منزلة الرجوع إلى صانعها، و * (تبصرة وذكرى) * علتان للأفعال السابقة معنى وإن انتصبا بالفعل الأخير أو لفعل مقدر بطريق الاستئناف أي فعلنا ما فعلنا تبصيرا وتذكيرا، وقال أبو حيان: منصوبان على المصدرية لفعل مقدر من لفظهما أي بصرنا وذكرنا والأول أولى.
وقرأ زيد بن علي * (تبصرة وذكرى) * بالرفع على معنى خلقهما تبصرة وذكرى، وقوله تعالى:
* (ونزلنا من السمآء مآء مباركا فأنبتنا به جنات وحب الحصيد) *.
* (ونزلنا من السماء ماء مباركا) * أي كثير المنافع شروع في بيان كيفية ما ذكر من إنبات كل زوج بهيج، وهو عطف على * (أنبتنا) * وما بينهما على الوجهين الأخيرين اعتراض مقرر لما قبله ومنبه على ما بعده * (فأنبتنا به) * أي بذلك الماء * (جنات) * كثيرة كما يقتضيه المقام أي أشجارا ذات ثمار * (وحب الحصيد) * أي حب الزرع الذي من شأنه أن يحصد من البر والشعير وأمثالهما، فالإضافة لما بينهما من الملابسة، و * (الحصيد) * بمعنى المحصود صفة لموصوف مقدر كما أشرنا إليه فليس من قبيل مسجد الجامع ولا من مجاز الأول كما توهم، وتخصيص إنبات حبه بالذكر لأنه المقصود بالذات.
* (والنخل باسقات لها طلع نضيد) *.
* (والنخل) * عطف على * (جنات) * وهي اسم جنس تؤنث وتذكر وتجمع، وتخصيصها بالذكر مع اندراجها في الجنات لبيان فضلها على سائر الأشجار، وتوسيط الحب بينهما لتأكيد استقلالها وامتيازها عن البقية مع ما فيه من مراعاة الفواصل * (باسقات) * أي طوالا أو حوامل من أبسقت الشاة إذا حملت فيكون على هذا من أفعل فهو فاعل، والقياس مفعل فهو من النوادر كالطوائح واللواقح في أخوات لها شاذة ويافع من أيفع وباقل من أبقل، ونصبه على أنه حال مقدرة. وروى قطبة بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ * (باصقات) * بالصاد وهي لغة لبني العنبر يبدلون من السين صادا إذا وليتها أو فصل بحرف أو حرفين خاء معجمة أو عين مهملة أو طاء كذلك أو قاف * (لها طلع نضيد) * منضود بعضه فوق بعض، والمراد تراكم الطلع أو كثرة ما فيه من مادة الثمر، والجملة حال من النخل كباسقات بطريق الترادف أو من ضميرها في * (باسقات) * على التداخل، وجوز أن يكون الحال هو الجار والمجرور و * (طلع) * مرتفع به على الفاعلية، وقوله تعالى:
* (رزقا للعباد وأحيينا به بلدة ميتا كذالك الخروج) *.
* (رزقا للعباد) * أي ليرزقهم علة لقوله تعالى: * (فأنبتنا) * وفي تعليله بذلك بعد تعليل * (أنبتنا) * الأول بالتبصير والتذكير تنبيه على أن اللائق بالعبد أن يكون انتفاعه بذلك من حيث التذكر والاستبصار أقدم وأهم من تمتعه به من حيث الرزق، وجوز أن يكون * (رزقا) * مصدرا من معنى * (أنبتنا) * لأن الإنبات رزق فهو من قبيل قعدت جلوسا، وأن يكون حالا بمعنى مرزوقا * (وأحيينا به) * أي بذلك الماء * (بلدة ميتا) * أرضا جدبة لا نماء فيها بأن جعلناها بحيث ربت وأنبتت وتذكير * (ميتا) * لأن البلدة بمعنى البلد والمكان، وقرأ أبو جعفر. وخالد * (ميتا) * بالتثقيل * (كذلك الخروج) * جملة