تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢٢ - الصفحة ٩٣
المستهزئين وتبكيت للمتعنتين والممتحنين، والإظهار في موضع الإضمار للتهويل وزيادة التقرير وتأكيد استقلال الجملة كما أشير إليه.
* (إن الله لعن الك‍افرين وأعد لهم سعيرا) *.
* (إن الله لعن الكافرين) * على الإطلاق أي طردهم وأبعدهم عن رحمته العاجلة والآجلة * (وأعد) * هيأ * (لهم) * مع ذلك في الآخرة * (سعيرا) * نارا شديدة الاتقاد كما يؤذن بذلك صيغة المبالغة.
* (خ‍الدين فيهآ أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا) *.
* (خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا) * متوليا لأمرهم يحفظهم * (ولا نصيرا) * ناصرا يخلصهم منها.
* (يوم تقلب وجوههم فى النار يقولون ياليتنآ أطعنا الله وأطعنا الرسولا) *.
* (يوم تقلب وجوههم في النار) * ظرف لعدم الوجدان، وقيل لخالدين، وقيل لنصير، وقيل مفعول لا ذكر أي يوم تصرف وجوههم فيها من جهة إلى جهة كاللحم يشوى في النار أو يطبخ في القدر فيدور به الغليان من جهة إلى جهة أو يوم تتغير وجوههم من حال إلى حال فتتوارد عليها الهيئات القبيحة من شدة الأهوال أو يوم يلقون في النار مقلوبين منكوسين، وتخصيص الوجوه بالذكر لما أنها أكرم الأعضاء ففيه مزيد تفظيع للأمر وتهويل للخطب، ويجوز أن تكون عبارة عن كل الجسد. وقرأ الحسن. وعيسى. وأبو جعفر الرواسي. * (تقلب) * بفتح التاء والأصل تتقلب فحذفت إحدى التاءين، وقرأ ابن أبي عبلة بهما على الأصل، وحكى ابن خالويه عن أبي حيوة أنه قرأ * (نقلب وجوههم) * بإسناد الفعل إلى ضمير العظمة ونصب * (وجوههم) * على المفعولية.
وقرأ عيسى الكوفة * (تقلب وجوههم) * بإسناد الفعل إلى ضمير السعير اتساعا ونصب الوجوه * (يقولون) * استئناف مبني على سؤال نشأ من حكاية حالهم الفيظعة كأنه قيل: فماذا يصنعون عند ذلك فقيل: يقولون متحسرين على ما فاتهم * (يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا) * فلا نبتلي بهذا العذاب أو حال من ضمير * (وجوههم) * أو من نفسها.
وجوز أن يكون هو الناصب ليوم.
* (وقالوا ربنآ إنآ أطعنا سادتنا وكبرآءنا فأضلونا السبيلا) *.
* (وقالوا) * عطف على * (يقولون) * والعدول إلى صيغة الماضي للإشعار بأن قولهم هذا ليس مستمرا كقولهم السابق بل هو ضرب اعتذار أرادوا به ضربا من التشفي بمضاعفة عذاب الذين أوردوهم هذا المورد الوخيم وألقوهم في ذلك العذاب الأليم وإن علموا عدم قبوله في حق خلاصهم بما هم فيه.
* (ربنا إنا أطعنا سادتنا) * أي ملوكنا وولاتنا الذين يتولون تدبير السواد الأعظم منا * (وكبراءنا) * أي رؤساءنا الذين أخذنا عنهم فنون الشر وكان هذا في مقابلة ما تمنوه من إطاعة الله تعالى وإطاعة الرسول فالسادة والكبراء متغايران، والتعبير عنهما بعنوان السيادة والكبر لتقوية الاعتذار والأفهم في مقام التحقير والإهانة.
وقدموا في ذلك إطاعة السادة لما أنه كان لهم قوة البطش بهم لو لم يطيعوهم فكان ذلك أحق بالتقديم في مقام الاعتذار وطلب التشفي، وقيل: باتحاد السادة والكبراء والعطف على حد العطف في قوله: وألفي قولها كذبا ومينا والمراد بهم العلماء الذين لقنوهم الكفر وزينوه لهم، وعن قتادة رؤساؤهم في الشر والشرك.
وقرأ الحسن وأبو رجاء. وقتادة. والسلمي. وابن عامر. والعامة في الجامع بالبصرة * (ساداتنا) * على جمع الجمع وهو شاذ كبيوتات، وفيه على ما قيل دلالة على الكثرة، ثم إن كون سادة جمعا هو المشهور، وقيل: اسم جمع فإن كان جمعا لسيد فهو شاذ أيضا فقد نصوا على شذوذ فعلة في جمع فعيل وإن كان جمعا لمفرد مقدر وهو سائد كان ككافر وكفرة لكنه شاذ أيضا لأن فاعلا لا يجمع على فعلة إلا في الصحيح * (فأضلونا السبيلا) * أي جعلونا ضالين
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»