تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ١٥٢
والغزالي، وحكى القول بأن المطلقة لا يثبت لها هذا الحكم عن الشيعة، وقد رأيت في بعض كتبهم نفي الأمومة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالوا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم فوض إلى علي كرم الله تعالى وجهه أن يبقى من يشاء من أزواجه ويطلق من يشاء منهن بعد وفاته وكالة عنه عليه الصلاة والسلام وقد طلق رضي الله تعالى عنه عائشة يوم الجمل فخرجت عن الأزواج ولم يبق لها حكمهن وبعد أن كتبت هذا اتفق لي أن نظرت في كتاب ألف سليمان بن عبد الله البحراتي عليه من الله تعالى ما يستحق في مثالب جمع من الصحابة حاشى رضي الله تعالى عنهم فرأيت ما نصه: روى أبو منصور أحد بن أبي طالب الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن سعد بن عبد الله أنه سأل القائم المنتظر وهو طفل في حياة أبيه فقال له يا مولانا وابن مولانا روى لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل طلاق نسائه إلى أمير المؤمنين كرم الله تعالى وجهه حتى أنه بعث في يوم الجمل رسولا إلى عائشة وقال: إنك أدخلت الهلاك على الإسلام وأهله بالغش الذي حصل منك وأوردت أولادك في موضع الهلاك بالجهالة فإن امتنعت وإلا طلقتك فأخبرنا يا مولانا عن معنى الطلاق الذي فوض حكمه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمير المؤمنين فقال: إن الله تقدس اسمه عظم شأن نساء النبي صلى الله عليه وسلم فخصهن بشرف الأمهات فقال عليه الصلاة والسلام: يا أبا الحسن إن هذا الشرف باق ما دمنا على طاعة الله تعالى فأيتهن عصت الله تعالى بعدي بالخروج عليك فطلقها من الأزواج وأسقطها من شرف أمهات المؤمنين، ثم قال: وروى الطبرسي أيضا في " الاحتجاج " عن الباقر أنه قال: لما كان يوم الجمل وقد رشق هودج عائشة بالنبل قال علي كرم الله تعالى وجهه: والله ما أراني إلا مطلقها فأنشد الله تعالى رجلا سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يا علي أمر نسائي بيدك من بعدي لما قام فشهد فقام ثلاثة عشر رجلا فشهدوا بذلك الحديث، ورأيت في بعض الأخبار التي لا تحضرني الآن ما هو صريح في وقوع الطلاق اه‍ ما قاله البحراني عامله الله تعالى بعده. وهذا لعمري من السفاهة والوقاحة والجسارة على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بمكان وبطلانه أظهر من أن يخفى وركاكة ألفاظه تنادي على كذبه بأعلى صوت ولا أظنه قولا مرضيا عند من له أدنى عقل منهم فلعن الله تعالى من اختلقه وكذا من يعتقده، وأخرج الفريابي. والحاكم. وابن مردويه. والبيهقي في " سننه " عن ابن عباس أنه كان يقرأ: * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم) * وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة أنه قال: كان في الحرف الأول * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أبوهم) * وفي مصحف أبي رضي الله تعالى عنه كما روى عبد الرزاق. وابن المنذر. وغيرهما * (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم) * وإطلاق الأب عليه صلى الله عليه وسلم لأنه سبب للحياة الأبدية كما أن الأب سبب للحياة أيضا بل هو عليه الصلاة والسلام أحق بالأبوة منه وعن مجاهد كل نبي أب لأمته، ومن هنا قيل في قول لوط هؤلاء بناتي أنه أراد المؤمنات ووجه ما ذكر، ويلزم من هذه الأبوة على ماقيل إخوة المؤمنين.
ويعمل مما روى عن مجاهد أن الأبوة ليست من خصوصياته عليه الصلاة والسلام وهذا ليس كأمومة أزواجه فإنها على ما في " المواهب " من الخصوصيات فلا يحرم نكاح أزواج من عداه صلى الله عليه وسلم من الأنبياء عليهم السلام من بعدهم على أحد من أممهم * (وأولوا الأرحام) * أي ذوو القرابات الشاملون للعصبات
(١٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 ... » »»