تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ١٦٣
وقرىء بالأعمال في قوله تعالى في سورة (الإسراء: 76) * (وإذا لا يلبثوا خلافك) * وقرىء * (لا يمتعون) * بياء الغيبة.
* (قل من ذا الذى يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا) *.
* (قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة) * استفهام في معنى النفي أي لا أحد يمنعكم من الله عز وجل وقدره جل جلاله أن خيرا وإن شرا فجعلت الرحمة قرينة السوء في العصمة مع أنه لا عصمة إلا من السوء لما في العصمة من معنى المنع، وجوز أن يكون في الكلام تقدير والأصل قل من ذا الذي يعصمكم من الله إن أراد بكم سوأ أو يصيبكم بسوء إن أراد بكم رحمة فاختصر نظير قوله: ورأيت زوجك في الوغى * متقلدا سيفا ورمحا فإنه أراد وحاملا أو ومعتقلا رمحا، ويجري نحو التوجيه السابق في الآية، وجوز الطيبي أن يكون المعنى من الذي يعصمكم من الله أراد بكم سوأ أو من الذي يمنع رحمة الله منكم إن أراد بكم رحمة، وقرينة التقدير ما في * (يعصمكم) * من معنى المنع، واختير الأول لسلامته عن حذف جملة بلا ضرورة.
* (ولا يجدون لهم من دون الله وليا) * ينفعهم * (ولا نصيرا) * يدفع الضرر عنهم، والمراد الأولى فيجدوه الخ فهو كقوله: ولا ترى الضب بها ينجحر اه‍ وهو معطوف على ما قبله بحسب المعنى فكأنه قيل: لا عاصم لهم ولا ولي ولا نصير أو الجملة حالية.
* (قد يعلم الله المعوقين منكم والقآئلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا) *.
* (قد يعلم الله المعوقين منكم) * أي المثبطين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم * (والقائلين لاخوانم هلم إلينا) * أي اقبلوا إلينا أو قربوا أنفسكم إلينا، قال ابن السائب: الآية في عبد الله بن أبي. ومعتب بن قشير. ومن رجع من المنافقين من الخندق إلى المدينة كانوا إذا جاءهم المنافق قالوا له: ويحك اجلس ولا تخرج ويكتبون إلى إخوانهم في العسكر أن ائتونا فإنا ننتظركم، وقال قتادة: هي في المنافقين كانوا يقولون لإخوانهم من ساكني المدينة من أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه إلا أكلة رأس ولو كانوا لحما لالتهمهم أبو سفيان وأصحابه فخلوهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال: انصرف رجل من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب إلى شقيقه فوجد عنده شواء ونبيذا فقال له: أنت ههنا ورسول الله عليه الصلاة والسلام بين الرماح والسيوف فقال: هلم إلى فقد أحيط بك وبصاحبك والذي يحلف به لا يستقبلها محمد أبدا فقال: كذبت والذي يحلف به لأخبرنه بأمرك فذهب ليخبره صلى الله عليه وسلم فوجد جبريل عليه السلام قد نزل بهذه الآية.
وقيل: هؤلاء اليهود كانوا يقولون لأهل المدينة: تعالوا إلينا وكونوا معنا، وكأن المراد من أهل المدينة المنافقون منهم المعلوم نفاقهم عند اليهود؛ و * (قد) * للتحقيق أو للتقليل وهو باعتبار المتعلق، و * (منكم) * بيان للمعوقين لأصلته كما أشير إليه، والمراد بالأخوة التشارك في الصفة وهو النفاق على القول الأول، والكفر بالنبي صلى الله عليه وسلم على القول الأخير، والصحبة والجوار وسكنى المدينة على القول الثاني وكذا على القول الثالث فإن ذلك يجامع الأخوة في النسب، وظاهر صيغة الجمع يقتضي أن الآية لم تنزل في ذينك الشقيقين وحدهما فلعلها نزلت فيهما وفي المنافقين القائلين ذلك والأنصار المخلصين المقول لهم، وجواز كونها نزلت في جماعة من الأخوان في النسب مجرد احتمال وإن كان له مستند سمعي فلتحمل الأخوة عليه على الآخوة
(١٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 ... » »»