تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ٨٩
لا يثبت سنده وإنما معنى الكلام المبالغة والانتهاء في التفهيم أي إن قدرته عز وجل تنال ما يكون في تضاعيف صخرة وما يكون في السماء وما يكون في الأرض اه‍، والأقوى عندي وضع هذه الأخبار ونحوها فليست الأرض إلا في حجر الماء وليس الماء إلا في جوف الهواء وينتهي الأمر إلى عرش الرحمن جل وعلا والكل في كف قدرة الله عز وجل.
وقرأ عبد الرحيم الجزري * (فتكن) * بكسر الكاف وشد النون وفتحها، وقرأ محمد بن أبي فجة البعلبكي * (فتكن) * بضم التاء وفتح الكاف والنون مشددة، وقرأ قتادة * (فتكن) * بفتح التاء وكسر الكاف وسكون النون ورويت هذه القراءة عن الجزري أيضا، والفعل في جميع ما ذكر من وكن الطائر إذا استقر في وكنته أي عشه ففي الكلام استعارة أو مجاز مرسل كما في المشفر، والضمير للمحدث عنه فيما سبق، وجوز أن يكون للابن والمعنى إن تختف أو تخف وقت الحساب يحضرك الله تعالى، ولا يخفى أنه غير ملائم للجواب أعني قوله تعالى: * (يأت بها الله) * أي يحضرها فيحاسب عليها، وهذا إما على ظاهره أو المراد يجعلها كالحاضر المشاهد لذكرها والاعتراف بها * (إن الله لطيف) * يصل علمه تعالى إلى كل خفي * (خبير) * عالم بكنهه.
وعن قتادة لطيف باستخراجها خبير بمستقرها، وقيل: ذو لطف بعباده فيلطف بالإتيان بها بأحد الخصمين خبير عالم بخفايا الأشياء وهو كما ترى، والجملة علة مصححة للإتيان بها، أخرج ابن أبي حاتم عن علي بن رباح اللخمي أنه لما وعظ لقمان ابنه وقال: * (إنها إن تك) * الآية أخذ حبة من خردل فأتى بها إلى اليرموك وهو واد في الشام فألقاها في عرضه ثم مكث ما شاء الله تعالى ثم ذكرها وبسط يده فأقبل بها ذباب حتى وضعها في راحته والله تعالى أعلم، وبعد ما أمره بالتوحيد الذي هو أول ما يجب على المكلف في ضمن النهي عن الشرك ونبهه على كمال علمه تعالى وقدرته عز وجل أمره بالصلاة التي هي أكمل العبادات تكميلا من حيث العمل بعد تكميله من حيث الاعتقاد فقال مستميلا له:
* (يابنى أقم الصلواة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على مآ أصابك إن ذلك من عزم الامور) *.
* (يا بني أقم الصلاة) * تكميلا لنفسك، ويروى أنه قال له: يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشيء صلها واسترح منها فإنها دين، وصل في جماعة ولو على رأس زج * (وأمر بالمعروف وانه عن المنكر) * تكميلا لغيرك والظاهر أنه ليس المراد معروفا ومنكرا معينين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جبير أنه قال: وأمر بالمعروف يعني التوحيد وأنه عن المنكر يعني الشرك * (واصبر على ما أصابك) * من الشدائد والمحن لا سيما فيما أمرت به من إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واحتياج الأخيرين للصبر على ما ذكر ظاهر، والأول لأن إتمام الصلاة والمحافظة عليها قد يشق ولذا قال تعالى: * (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) * (البقرة: 45) وقال ابن جبير: واصبر على ما أصابك في أمر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يقول: إذا أمرت بمعروف أو نهيت عن منكر وأصابك في ذلك أذى وشدة فاصبر عليه * (إن ذلك) * أي الصبر على ما أصابك عند ابن جبير، وهو يناسب إفراد اسم الإشارة وما فيه من معنى البعد للإشعار ببعد منزلته في الفضل، أو الإشارة إلى الصبر وإلى سائر ما أمربه والإفراد للتأويل بما ذكر وأمر البعد على ما سمعت * (من عزم الأمور) * أي مما عزمه الله تعالى وقطعه قطع إيجاب وروي ذلك عن
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»