تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ٥٣
* (يخرج من خلاله) * أي فرجه جمع خلل في التارتين الاتصال والتقطع فالضمير للسحاب وهو اسم جنس يجوز تذكيره وتأنيثه، وجوز على قراءة * (كسفا) * بالسكون أن يكون له، وليس بشيء.
* (فإذا أصاب به من يشاء من عباده) * بلادهم وأراضيهم، والباء في * (به) * للتعدية * (إذا هم يستبشرون) * فاجؤا الاستبشار بمجىء الخصب.
* (وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين) *.
* (وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم) * الودق * (من قبله) * أي التنزيل * (لمبلسين) * أي آيسين، والتكرير للتأكيد، وأفاد كما قال ابن عطية الإعلام بسرعة تقلب قلوب البشر من الإبلاس إلى الاستبشار، وذلك أن * (من قبل أن ينزل عليهم) * يحتمل الفسحة في الزمان فجاء * (من قبله) * للدلالة على الاتصال ودفع ذلك الاحتمال، وقال الزمخشري: أكد ليدل على بعد عهدهم بالمطر فيفهم منه استحكام يأسهم، وما ذكره ابن عطية أقرب لأن المتبادر من القبلية الاتصال وتأكيد دال على شدته. وأبو حيان أنكر على كلا الشيخين وقال: ما ذكراه من فائدة التأكيد غير ظاهر وإنما هو عندي لمجرد التأكيد ويفيد رفع المجاز فقط، وقال قطرب: ضمير * (قبله) * للمطر فلا تأكيد. وأنت تعلم أنه يصير التقدير من قبل تنزيل المطر من قبل المطر وهو تركيب لا يسوغ في كلام فصيح فضلا عن القرآن، وقيل: الضمير للزرع الدال عليه المطر أي من قبل تنزيل المطر من قبل أن يزرعوا، وفيه أن * (من قبل أن ينزل) * متعلق بمبلسين ولا يمكن تعلق * (من قبله) * به أيضا لأن حرفي جر بمعنى لا يتعلقان بعامل واحد إلا أن يكون بوساطة حرف العطف أو على جهة البدل ولا عاطف هنا ولا يصح البدل ظاهرا، وجوز بعضهم فيه بدل الاشتمال مكتفيا فيه بكون الزرع ناشئا عن التنزيل فكان التنزيل مشتملا عليه وهو كما ترى.
وقال المبرد: الضمير للسحاب لأنهم لما رأوا السحاب كانوا راجين المطر، والمراد من قبل رؤية السحاب، ويحتاج أيضا إلى حرف عطف حتى يصح تعلق الحرفين بمبلسين، وقال علي بن عيسى: الضمير للإرسال، وقال الكرماني: للاستبشار لأنه قرن بالإبلاس ومن عليهم به، وأورد عليهما أمر التعلق من غير عطف كما أورد على من قبلهما فإن قالوا بحذف حرف العطف ففي جوازه في مثل هذا الموضع قياسا خلاف.
واختار بعضهم كونه للاستبشار على أن * (من) * متعلقة بينزل و * (من) * الأولى متعلقة بملبسين لأنه يفيد سرعة تقلب قلوبهم من اليأس إلى الاستبشار بالإشارة إلى غاية تقارب زمانيهما ببيان اتصال اليأس بالتنزيل المتصل بالاستبشار بشهادة إذا الفجائية فتأمل، و * (إن) * مخففة من الثقيلة واللام في لمبلسين هي الفارقة، ولا ضمير شأن مقدرا لإن لأنه إنما يقدر للمفتوحة وأما المكسورة فيجب إهمالها كما فصله في " المغني ":، وبعض الأجلة قال بالتقدير.
* (فانظر إلى ءاث‍ار رحمة الله كيف يحى الارض بعد موتهآ إن ذلك لمحى الموتى وهو على كل شىء قدير) *.
* (فانظر إلى ءاثار رحمت الله) * المترتبة على تنزيل المطر من النبات والأشجار وأنواع الثمار، والفاء للدلالة على سرعة ترتبها عليه.
وقرأ الحرميان. وأبو عمرو. وأبو بكر * (أثر) * بالإفراد وفتح الهمزة والثاء. وقرأ سلام * (إثر) * بكسر الهمزة وإسكان الثاء، وقوله تعالى: * (كيف يحيي) * أي الله تعالى * (الأرض بعد موتها) * في حيز النصب بنزع الخافض و * (كيف) * معلق لأنظر أي فانظر لإحيائه تعالى البديع للأرض بعد موتها، وقال ابن جني: على الحالية بالتأويل أي محييا، وأيا ما كان فالمراد بالأمر بالنظر التنبيه على عظيم قدرته تعالى وسعة رحمته عز
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»