تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ٥٢
* (مبشرات) * باعتبار المعنى فإن الحال قد يقصد بها التعليل نحو أهن زيدا مسيئا أي لإساءته فكأنه قيل: لتبشركم وليذيقكم، وكونه من عطف التوهم توهم أو على * (يرسل) * بإضمار فعل معلل والتقدير ويرسلها ليذيقكم، وكون التقدير ويجري الرياح ليذيقكم بعيد قيل: أو على جملة ومن آياته الخ بتقدير وليذيقكم أرسلها أو فعل ما فعل، ولم يعتبره بعضهم لأن المقصود اندراج الإذاقة في الآيات، وقيل: الواو زائدة * (ولتجري الفلك) * في البحر عند هبوبها * (بأمره) * عز وجل وإنما جىء بهذا القيد لأن الريح قد تهب ولا تكون مواتية فلا بد من انضمام إرادته تعالى وأمره سبحانه للريح حتى يتأتى المطلوب، وقيل: للإشارة إلى أن هبوبها مواتية أمر من أموره تعالى التي لا يقدر عليها غيره عز وجل * (ولتبتغوا من فضله) * بتجارة البحر * (ولعلكم تشكرون) * أي ولتشكروا نعمة الله تعالى فيما ذكر.
* (ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجآءوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين) *.
* (ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم) * اعتراض لتسليته صلى الله عليه وسلم بمن قبله على وجه يتضمن الوعد له عليه الصلاة والسلام والوعيد لمن عصاه، وفي ذلك أيضا تحذير عن الإخلال بمواجب الشكر.
والمراد بقومهم أقوامهم والإفراد للاختصار حيث لا لبس والمعنى ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى أقوامهم كما أرسلناك إلى قومك * (فجاءوهم بالبين‍ات) * أي جاء كل قوم رسولهم بما يخصه من البينات كما جئت قومك ببيناتك * (فانتقمنا من الذين أجرموا) * الفاء فصيحة أي فآمن بعض وكذب بعض فانتقمنا، وقيل: أي فكذبوهم فانتقمنا منهم ووضع الموصول موضع ضميرهم للإشعار بالعلة والتنبيه على مكان المحذوف، وجوز أن تكون تفصيلا للعموم بأن فيهم مجرما مقهورا ومؤمنا منصورا * (وكان حعقا علينا نصر المؤمنين) * فيه مزيد تشريف وتكرمة للمؤمنين حيث جعلوا مستحقين على الله تعالى أن ينصرهم وإشعار بأن الانتقام لأجلهم، والمراد بهم ما يشمل الرسل عليهم الصلاة والسلام، وجوز تحصيص ذلك بالرسل بجعل التعريف عهديا، وظاهر الآية أن هذا النصر في الدنيا، وفي بعض الآثار ما يشعر بعدم اختصاصه بها وأنه عام لجميع المؤمنين فيشمل من بعد الرسل من الأمة.
أخرج ابن أبي حاتم. والطبراني. وابن مردويه عن أبي الدرداء قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من امرىء مسلم يرد عن عرض أخيه إلا كان حقا على الله تعالى أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة ثم تلا عليه الصلاة والسلام وكان حقا علينا نصر المؤمنين " وفي هذا إشعار بأن * (حقا) * خبر كان * (ونصر المؤمنين) * الاسم كما هو الظاهر، وإنما أخر الاسم لكون ما تعلق به فاصلة وللاهتمام بالخبر إذ هو محط الفائدة على ما في " البحر ".
قال ابن عطية: ووقف بعض القراء على * (حقا) * على أن اسم كان ضمير الانتقام أي وكان الانتقام حقا وعدلا لا ظلما، ورجوعه إليه على حد * (اعدلوا هو أقرب للتقوى) * (المائدة: 8) و * (علينا نصر المؤمنين) * جملة مستأنفة وهو خلاف الظاهر المؤيد بالخبر وإن لم يكن فيه محذور من حيث المعنى.
* (الله الذى يرسل الري‍اح فتثير سحابا فيبسطه فى السمآء كيف يشآء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذآ أصاب به من يشآء من عباده إذا هم يستبشرون) *.
* (الله الذي يرسل الرياح) * استئناف مسوق لبيان ما أجمل فيما سيق من أحوال الرياح * (فتثير سحابا) * تحركه وتنشره * (فيبسطه) * بسطا تاما متصلا تارة * (في السماء) * في سمتها لا في نفس السماء بالمعنى المتبادر * (كيف يشاء) * سائرا وواقفا مطبقا وغير مطبق من جانب دون جانب إلى غير ذلك فالجملة الإنشائية حال بالتأويل * (ويجعله كسفا) * أي قطعا تارة أخرى. وقرأ ابن عامر بسكون السين على أنه مخفف من المفتوح أو جمع كسفة أي قطعة أو مصدر كعلم وصف به مبالغة أو بتأويله بالمفعول أو بتقدير ذا كسف * (فترى) * يا من يصح منه الرؤية * (الودق) * أي المطر
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»