تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ١٤٦
عموده، قال ابن الهمام: لكن لا يظهر ما هو الصارف عن الحقيقة من النكات، وقال الأزهري معناه: خصوا الظهر لأنه محل الركوب والمرأة تركب إذا غشيت فهو كناية تلويحية انتقل من الظهر إلى المركوب ومنه إلى المغشي، والمعنى أنت محرمة على لا تركبين كما لا يركب ظهر الأم وقيل: خص الظهر لأن إتيان المرأة من ظهرها في قبلها كان حراما عندهم فإتيان أمه من ظهرها أحرم فكثر التغليظ، وقيل: كنوا بالظهر عن البطن لأنهم يستقبحون ذكر الفرج وما يقرب منه سيما في الأم وما شبه بها، وليس بذاك، وهو في الشرع تشبيه الزوجة أو جزء منها شائع أو معبر به عن الكل بما لا يحل النظر إليه من المحرمة على التأبيد ولو برضاع أو صهرية وزاد في النهاية قيد الاتفاق ليخرج التشبيه بما لا يحل النظر إليه ممن اختلف في تحريمها كالبنت من الزنا وتحقيق الحق في ذلك في " فتح القدير "، وخص باسم الظهار تغليبا للظهر لأنه كان الأصل في استعمالهم وشرطه في المرأة كونها زوجة وفي الرجل كونه من أهل الكفارة، وركنه اللفظ المشتمل على ذلك التشبيه، وحكمه حرمة الوطء ودواعيه إلى وجود الكفارة، وتمام الكلام فيه في كتب الفروع، وسيأتي إن شاء الله تعالى بعض ذلك في محله.
وقرأ قالون. وقنبل هنا وفي المجادلة والطلاق * (اللاء) * بالهمز من غير ياء، وورش بياء مختلسة الكسرة، والبزي. وأبو عمرو * (اللاي) * بياء ساكنة بدلا من الهمزة وهو بدل مسموع لا مقيس وهي لغة قريش، وقرأ أهل الكوفة غير عاصم * (تظاهرون) * بفتح التاء وتخفيف الظاء وأصله تتظاهرون فحذفت إحدى التاءين.
وقرأ ابن عامر * (تظاهرون) * بفتح التاء وتشديد الظاء وأصله كما تقدم إلا أنه أدغمت التاء الثانية في الظاء. وقرأ الحسن * (تظهرون) * بضم التاء وفتح الظاء المخففة وشد الهاء المكسورة مضارع ظهر بتشديد الهاء بمعنى ظاهر كعقد بمعنى عاقد، وقرأ ابن وثاب فيما نقل ابن عطية * (تظهرون) * بضم التاء وسكون الظاء وكسر الهاء مضارع أظهر، وقرأ هرون عن أبي عمرو و * (تظهرون) * بفتح التاء والهاء وسكون الظاء مضارع ظهر بتخفيف الهاء، وفي مصحف أبي * (تتظهرون) * بتاءين ومعنى الكل واحد.
* (وما جعل أدعياءكم أبناءكم) * إبطال لما كان في الجاهلية أيضا وصدر من الإسلام من أنه إذا تبنى الرجل ولد غيره أجريت أحكام البنوة عليه، وقد تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل البعثة زيد بن حارثة. والخطاب عامر بن ربيعة. وأبو حذيفة مولاه سالما إلى غير ذلك، وأخرج ابن أبي شيبة. وابن جرير. وابن المنذر عن مجاهد أن قوله تعالى: * (وما جعل) * الخ، نزلت في زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنه.
و * (أدعياء) * جمع دعى وهو الذي يدعى ابنا فهو فعيل بمعنى مفعول وقياسه أن يجمع على فعلي كجريح وجرحى لا على أفعلاء فإن الجمع عليه قياس فعيل المعتل اللام بمعنى فاعل كتقي وأتقياء فكأنه شبه به في اللفظ فحمل عليه وجمع جمعه كما قالوا في أسير وقتيل أسراء وقتلاء، وقيل: إن هذا الجمع مقيس في المعتل مطلقا، وفيه نظر.
* (ذالكم) * قيل: إشارة إلى ما يفهم من الجمل الثلاثة من أنه قد يكون قلبان في جوف والظهار والإدعاء.
وقيل: إلى ما يفهم من الأخيرتين، وقيل: إلى ما يفهم من الأخيرة * (قولكم بأفواهكم) * فقط من غير أن يكون له مصداق وحقيقة في الواقع ونفس الأمر فإذن هو بمعزل عن القبول أو استتباع الأحكام كما زعمتم.
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»