تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ١٣٥
في الدنيا دون عذاب الآخرة قلت: يا رسول الله فما هي لنا؟ قال: زكاة وطهور، وفي رواية عن ابن عباس أنه الحدود.
وأخرج هنا عن أبي عبيدة أنه فسره بعذاب القبر، وحكي عن مجاهد أيضا * (دون العذاب الأكبر) * هو عذاب يوم القيامة كما روي عن ابن مسعود. وغيره، وقال: ابن عطية لا خلاف في أنه ذلك، وفي التحرير إن أكثرهم على أن العذاب الأكبر عذاب يوم القيامة في النار، وقيل: هو القتل والسبي والأسر، وعن جعفر بن محمد رضي الله تعالى عنهما أنه خروج المهدي بالسيف انتهى، وعليهما يفسر العذاب الأدنى بالسنين أو الأسقام أو نحو ذلك مما يكون أدنى مما ذكر، وعن بعض أهل البيت تفسيره بالدابة والدجال، والمعول عليه ما عليه الأكثر.
وإنما لم يقل الأصغر في مقابلة * (الأكبر) * أو الأبعد في مقابلة * (الأدنى) * لأن المقصود هو التخويف والتهديد وذلك إنما يحصل بالقرب لا بالصغر وبالكبر لا بالبعد، قاله النيسابوري ملخصا له من كلام الإمام، وكذا أبو حيان إلا أنه قال: إن الأدنى يتضمن الأصغر لأنه منقض بموت المعذب والأكبر يتضمن الأبعد لأنه واقع في الآخرة فحصلت المقابلة من حيث التضمن وصرح بما هو آكد في التخويف * (لعلهم يرجعون) * أي لعل من بقي منهم يتوب قاله ابن مسعود، وقال الزمخشري: أو لعلهم يريدون الرجوع ويطلبونه كقوله تعالى: * (فارجعنا نعمل صالحا) * (السجدة: 12) وسميت إرادة الرجوع رجوعا كما سميت إرادة القيام قياما في قوله تعالى: * (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم) * (المائدة: 6) ويدل عليه قراءة من قرأ * (يرجعون) * على البناء للمفعول انتهى.
وهو على ما حكي عن مجاهد وروي عن أبي عبيدة فيتعلق * (لعلهم) * الخ بقوله تعالى: * (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى) * (السجدة؛ 21) كما في الأول إلا أن الرجوع هنالك التوبة وههنا الرجوع إلى الدنيا ويكون من باب * (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) * (القصص: 8) أو يكون الترجي راجعا إليهم، ووجه دلالة القراءة المذكورة عليه أنه لا يصح الحمل فيها على التوبة، والظاهر التفسير المأثور، والقراءة لا تأباه لجواز أن يكون المعنى عليها لعلهم يرجعهم ذلك العذاب عن الكفر إلى الإيمان، و * (لعل) * لترجي المخاطبين كما فسرها بذلك سيبويه، وعن ابن عباس تفسيرها هنا بكى وكأن المراد كي نعرضهم بذلك للتوبة، وجعلها الزمخشري لترجيه سبحانه ولاستحالة حقيقة ذلك منه عز وجل حمله على إرادته تعالى، وأورد على ذلك سؤالا أجاب عنه على مذهبه في الاعتزال فلا تلتفت إليه، هذا والآيات من قوله تعالى: * (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا) * (السجدة؛ 18) إلى هنا نزلت في علي كرم الله تعالى وجهه. والوليد بن عقبة بن أبي معيط أخي عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه لأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، أخرج أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني. والواحدي. وابن عدي. وابن مردويه. والخطيب. وابن عساكر من طرق عن ابن عباس قال: قال الوليد بن عقبة لعلي كرم الله تعالى وجهه أنا أحد منك سنانا وأبسط منك لسانا واملأ للكتيبة منك فقال علي رضي الله تعالى عنه: اسكت فإنما أنت فاسق فنزلت * (أفمن كان مؤمنا) * الخ.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي نحو ذلك، وأخرج هذا أيضا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنها نزلت في علي كرم الله تعالى وجهه. والوليد بن عقبة ولم يذكر ما جرى، وفي رواية أخرى عنه أنها نزلت في علي كرم الله تعالى وجهه. ورجل من قريش ولم يسمه، وفي " الكشاف " روى في نزولها أنه شجر بين علي رضي
(١٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 ... » »»