تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٢١ - الصفحة ١٤٢
وهم لا يستكبرون) * (السجدة: 15) إشارة إلى حال كاملي الإيمان وعلو شأن السجود والتسبيح والتحميد والتواضع لعظمته عز وجل * (تتجافي جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا) * إشارة إلى شهرهم في مناجاة محبوبهم وملاحظة جلاله وجماله، وفي قوله: * (ومما رزقناهم) * أي من المعارف وأنواع الفيوضات * (ينفقون) * (السجدة: 16) إشارة إلى تكميلهم للغير بعد كما لهم في أنفسهم وذكر القوم أن العذاب الأدنى الحرص على الدنيا. والعذاب الأكبر العذاب على ذلك.
وقال بعضهم: الأول التعب في طلب الدنيا والثاني شتات السر، وقيل: الأول حرمان المعرفة والثاني الاحتجاب عن مشاهدة المعروف، وقيل: الأول الهوان والثاني الخذلان * (وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون) * (السجدة: 24) فيه إشارة إلى ما ينبغي أن يكون المرشد عليه من الأوصاف وهو الصبر على مشاق العبادات وأنواع البليات وحبس النفس عن ملاذ الشهوات والإيقان بالآيات فمن يدعي الإرشاد وهو غير منصف بما ذكر فهو ضال مضلل * (فأعرض عنهم وانتظر أنهم منتظرون) * (السجدة: 30) فيه إشارة إلى أنه ينبغي الأعراض عن المنكرين المستهزئين بالعارفين والسالكين إذا لم ينجع فيهم الإرشاد والنصيحة وإلى أنهم هالكون لا محالة فإن الإنكار الذي لا يعذر صاحبه سم قاتل وسهم هدفه المقاتل نعوذ بالله تعالى من الحور بعد الكور بحرمة حبيبه الأكرم صلى الله عليه وسلم.
سورة الأحزاب أخرج البيهقي في الدلائل وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: تزلت سورة الأحزاب بالمدينة، وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله، وهي ثلاث وسبعون آية قال الطبرسي بالإجماع، وقال الداني هذا متفق عليه، وأخرج عبد الرزاق في المصنف. والطبالسي. وسعيد بن منصور. وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند. والنسائي. والحاكم وصححه. والضياء في المختارة. وآخرون عن زر بن حبيش قال: قال لي أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه كائن تقرأ سورة الأحزاب أو كائن تعدها؟ قلت: ثلاثا وسبعين آية فقال: أقط لقد رأيتها وأنها لتعادل سورة البقرة، ولقد قرأنا فيها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالا من الله والله عز ز حكيم فرفع فيما رفع وأراد رضي الله تعالى عنه بذلك النسخ، وأما كون الزيادة كانت في صحيفة عند عائشة فأكلها الداجن فمر وضع الملاحدة وكذبهم في أن ذلك ضاع بأكل الداجن من غير نسخ كذا في الكشاف.
وأخرج أبو عبيد في الفضائل. وابن الأنبياري. وابن مردويه عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي صلى الله عليه وسلم مائتي آية فلما كتب عثمان رضي الله تعالى عنه المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن، وهو ظاهر في الضياع من القرآن، ومقتضى ما سمعت أنه موضوع، والحق أن كل خبر ظاهره ضياع شيء من القرآن اما موضوع أو مؤول. ووجه اتصالها بما قبلها على ما قال الجلال السيوطي تشابه مطلع هذه ومقطع تلك فإن تلك ختمت بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاعراض عن الكافرين وانتظار عذابهم وهذه بدئت بأمره عليه الصلاة والسلام بالتقوى وعدم طاعة الكافرين والمنافقين واتباع ما أوحى إليه والتوكل عليه عز وجل حيث قال سبحانه وتعالى:
* (ياأيها النبى اتق الله ولا تطع الك‍افرين والمن‍افقين إن الله كان عليما حكيما) *.
يا أيها النبي اتق الله) * ناداه جل وعلا بوصفه عليه الصلاة
(١٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 ... » »»