فيها ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، وقيل: علماؤهم من أسلم منهم ومن لم يسلم، وقيل: أنبياؤهم فإنهم نبهوا على ذلك وهو خلاف الظاهر، ولعل أظهر الأقوال كون المراد به معاصريه صلى الله عليه وسلم من علماء أهل الكتابين الملسمين وغيرهم.
وقرأ ابن عامر. والجحدري * (تكن) * بالتأنيث و * (ءاية) * بالرفع وجعلت اسم تكن و * (أن يعلمه) * خبرها. وضعف بأن فيه الاخبار عن النكرة بالمعرفة، ولا يدفعه كون النكرة ذات حال بناء على أحد الاحتمالين في * (لهم) *، وجوز أن يكون * (ءاية) * الاسم و * (لهم) * متعلقا بمحذوف هو الخبر و * (أن يعلمه) * بدلا من الاسم أو خبر مبتدأ محذوف، وأن يكون الاسم ضمير القصة و * (لهم ءاية) * مبتدأ وخبر والجملة خبر تكن * (وأن يعلمه) * بدلا أو خبر مبتدأ محذوف. وأن يكون الاسم ضمير القصة و * (ءاية) * خبر * (أن يعلمه) * والجملة خبر تكن وأن تكون تكن تامة و * (ءاية) * فاعلا و * (أن يعلمه) * بدلا أو خبرا لمحذوف و * (لهم) * إماحالا أو متعلقا بتكن. وقرأ ابن عباس * (تكن) * بالتأنيث و * (ءاية) * بالنصب كقراءة من قراءة * (ثم لم تكن) * بالتأنيث فتنتهم بالنصب * (إلا أن قالوا) * وكقول لبيد يصف العير والاتان: فمضى وقدمها وكانت عادة * منه إذا هي عردت أقدامها وذلك إما على تأنيث الاسم لتأنيث الخبر، وإما لتأويل * (أن يعلمه) * بالمعرفة وتأويل أن قالوا بالمقالة وتأويل الإقدام بالمقدمة، ودعوى اكتساب التأنيث فيه من المضاف إليه ليس بشيء لفظ شرطه المشهور.
وقرأ الجحدري تعلمه بالتأنيث على أن المراد جماعة علماء بني إسرائيل وكتب في المصحف * (علمؤا) * بواو بين الميم والألف. ووجه ذلك بأنه على لغة من يميل ألف علماء إلى الواو كما كتبوا الصلوة والزكوة والربو بالواو على تلك اللغة.
* (ولو نزلناه على بعض الاعجمين) * * (ولو نزلناه) * أي القرآن كما هو بمنظمه الرائق المعجز * (على بعض الأعجمين) * الذين لا يقدرون على التكلم بالعربية، وهو جمع أعجمي كما في التحرير وغيره إلا أنه حذف ياء النسب منه تخفيفا. مثله الأشعرين جمع أشعري في قول الكميت: ولو جهزت قافية شرودا * لقد دخلت بيوت الأشعرينا وقد قرأه الحسن. وابن مقسم بياء النسب على الأصل، وقال ابن عطية: هو جمع أعجم وهو الذي لا يفصح وإن كان عربي النسب والعجمي هو الذي نسبته في العجم خلاف العرب وإن كان أفصح الناس انتهى.
واعترض بأن أعجم مؤنثه عجماء وأفعل فعلاء لا يجمع جمع سلامة، وأجيب بأن الأعجم في الأصل البهيمة العجماء لعدم نطقها ثم نقل أو تجوز به عما ذكر وهو بذلك المعنى ليس له مؤنث على فعلاء فلذلك جمع جمع السلامة، وتعقب بأنه قد صرح العلامة محمد بن أبي بكر الرازي في كتابه " غرائب القرآن " بأن الأعجم هو الذي لا يفصح والأنثى العجماء ولو سلم أنه ليس له بذلك المعنى منؤنث فالأصل مراعاة أصله. وفيه أن كون ارتفاع المانع لعارض مجوزا مما صرح به النحاة. ثم إن كون أفعل فعلاء لا يجمع جمع سلامة مذهب البصريين. والقراء. وغيره من الكوفيين يجوزونه فلعل من قال: إنه جمع أعجم قاله بناء على ذلك. وظاهر الجمع المذكور يقتضي أن يكون المراد به العقلاء، وعن بعضهم أنه جمع أعجم مرادا به ما لا يعقل من الدواب العجم وجمع جمع العقلاء لأنه وصف بالتنزيل عليه وبالقراءة في قوله تعالى:
* (فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين) * * (فقرأه عليهم) * فإن الظاهر رجوع ضمير الفاعل إلى بعض الأعجمين وهما من صفات العقلاء، والمراد بيان فرط عنادهم وشدة شكيمتهم في