تصدير الجملة بضمير الخطاب تعظيما لفعلهم وتنبيها على أنهم محتصون بذلك كأنه قيل: بل أنتم قوم عادون لا غيركم.
* (قالوا لئن لم تنته يالوط لتكونن من المخرجين) * * (قالوا لئن لم تنته يا لوط) * عن توبيخنا وتقبيح أمرنا أو عما أنت عليه من دعوى الرسالة ودعوتنا إلى الإيمان وإنكار ما أنكرته من أمرنا * (لتكونن من المخرجين) * أي من المنفيين من قريتنا المعهودين، وكأنهم كانوا يخرجون من غضبوا عليه بسبب من الأسباب، وقيل: بسبب إنكار تلك الفاحشة من بينهم على عنف وسوء حال، ولهذا هددوه عليه السلام بذلك، وعدلوا عن لنخرجنك الأخصر إلى ما ذكر؛ ولا يخفى ما في الكلام من التأكيد.
* (قال إنى لعملكم من القالين) * * (قال إني لعملكم من القالين) * أي من المبغضين غاية البغض، قال الراغب: يقال قلاه ويقليه فمن جعله من الواو فهو من القلو أي الرمى من قولهم: قلت الناقة براكبها قلوا وقلوت بالقلة إذا رميتها فكأن المقلو يقذفه القلب من بغضه فلا يقبله. ومن جعله من الياء فهو من قليت السويق على المقلاة فكأن شدة البغض تقلى الفؤاد والكبد وتشويهما، فقول أبي حيان: أن قلى بمعنى أبغض يائي، والذي بمعنى طبح وسوى واوى ناش من قلة الاطلاع، والعدول عن قالى إلى ما في النظم الجليل لأنه أبلغ فإنه إذا قيل: قالي لم يفد أكثر من تلبسه بالفعل بخلاف قوله: * (من القالين) * إذ يفيد أنه مع تلبسه من قوم عرفوا واشتهروا به فيكون راسخ القدم عريق العرف فيه، وقد صرح بذلك ابن جنى. وغيره، واللام في " لعملكم " قيل للتبيين كما في سقيالك فهو متعلق بمحذوف أعني - أعني -، وقيل: هي للتقوية ومتعلقها عند من يرى تعلق حرف التقوية محذوف أي إني من القالين لعملكم من القالين. وقيل: هي متعلقة بالقالين المذكور ويتوسع في الظروف ما لا يتوسع في غيرها فتقدم حيث لا يقدم غيرها، والمراد بعملهم إما ما أنكره عليه السلام عليهم من اتيان الذكرتن وترك ما خلق ربهم سبحانه لهم وإما ما يشمل ذلك وسائر ما نهاهم عنه وأمرهم بضده من الأعمال القلبية والقالبية، وقابل عليه السلام تهديدهم ذلك بما ذكر تنبيها على عدم الاكتراث به وأنه راغب في الخلاص من سوء جوارهم لشدة بغضه لعملهم ولذلك أعرض عن محاورتهم وتوجه إلى الله تعالى قائلا:
* (رب نجنى وأهلى مما يعملون) * * (رب نجني وأهلي مما يعملون) * أي من شؤم عملهم أو الذي يعملونه وعذابه الدنيوي. وقيل: يحتمل أن يكون دعاء بالنجاة من التلبس بمثل عملهم وهو بالنسبة إلى الأهل دونه عليه السلام إذ لا يخشى تلبسه بذلك لمكان العصمة. واعتراض بأن العذاب كذلك إذ لا يعذب من لم يجن وفيه منع ظاهر. كيف وقد قال سبحانه: * (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) * (الأنفال: 25). وقيل: قد يدعو المعصوم بالحفظ عن الوقوع فيما عصم عنه كما يدل عليه قوله تعالى: حكاية عن إبراهيم عليه السلام: * (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) * () وهو مسلم إلا أن الظاهر أن المراد النجاة مما ينالهم بسبب عملهم من العذاب الدنيوي. ويؤيده ظاهر قوله تعالى:
* (فنجيناه وأهله أجمعين * إلا عجوزا فى الغابرين) * * (فنجيناه وأهله أجمعين * إلا عجوزا في الغابرين) *.
والظاهر أن المراد بأهل بيته. وجوز أن يكون المراد بهم من تبع دينه مجازا فيشمل أهل بيته المؤمنين وسائر من آمن به. وقيل: لا حاجة إلى هذا التعميم إذ لم يؤمن به عليه السلام إلا أهل بيته. والمراد بهذه العجوز امرأته عليه السلام وكانت كافرة مائلة إلى القوم راضية بفعلهم. والتعبير عنها بالعجوز للإيماء