* (وقال الذين لا يرجون لقآءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا فىأنفسهم وعتوا عتوا كبيرا) * * (وقال الذين لا يرجون لقاءنا) * الخ شروع في حكاية بعض آخر من أقاويلهم الباطلة وبيان بطلانها إثر حكاية إبطال أباطيلهم السابقة وذكر ما يتعلق بذلك، والجملة معطوفة على قوله تعالى: * (وقالوا مال هذا الرسول) * (الفرقان: 7) إلى آخره، ووضع الموصول موضع الضمير للتنبيه بما في حيز الصلة على أن ما يحكى عنهم في الشناعة بحيث لا يصدر عمن يرجو لقاء الله عز وجل، والرجاء في المشهور الأمل وقد فسر أحدهما بالآخر أكثر اللغويين، وفي فروق ابن هلال الأمل رجاء يستمر ولذا قيل للنظر في الشيء إذا استمر وطال تأمل، وقيل: الأمل يكون في الممكن والمستحيل والرجاء يخص الممكن. وفي المصباح الأمل ضد اليأس وأكثر ما يستعمل فيما يبعد حصوله والطمع يكون فيما قرب حصوله والرجاء بين الأمل والطمع فإن الراجي يخاف أن لا يحصل مأموله ولذا استعمل بمعنى الطمع انتهى، وفسره أبو عبيدة. وقوم بالخوف، وقال الفراء: هذه الكلمة تهامية وهي أيضا من لغة هذيل إذا كان مع الرجاء جحد ذهبوا به إلى معنى الخوف فيقولون: فلان لا يرجو ربه سبحانه يريدون لا يخاف ربه سبحانه، ومن ذلك * (ما لكم لا ترجون لله وقارا) * (نوح: 13) أي لا تخافون لله تعالى عظمة وإذا قالوا: فلان يرجو ربه فهذا على معنى الرجاء لا على معنى الخوف، وقال الشاعر: إذا لسعته النحل لم يرج لسعها * وحالفها في بيت نوب عواسل وقال آخر: لا يرتجي حين يلاقي الذائدا * أسبعة لاقت له أو واحدا انتهى، وذكر أن استعمال الرجاء في معنى الخوف مجاز لأن الراجي لأمر يخاف فواته، وأصل اللقاء مقابله الشيء ومصادفته وهو مراد من قال: الوصول إلى الشيء لا المماسة ويطلق على الرؤية لأنها وصول إلى المرئي، ولقاؤه تعالى هنا كناية عن لقاء جزائه يوم القيامة أو المراد ذلك بتقدير مضاف؛ والمعنى على التفسير المشهور للرجاء وقال الذين لا يأملون لقاء جزائنا بالخير والثواب على الطاعة لتكذيبهم بالبعث، وعلى التفسير الآخر وقال الذين لا يخافون لقاء جزائنا بالشر والعقاب على المعصية لتكذيبهم بالبعث كذا قيل. وقيل المراد به رؤيته تعالى في الآخرة والرجاء عليه بمعنى الأمل دون الخوف إذ لا معنى لكون الرؤية مخوفة وهو خلاف الظاهر وإن لم يأبه ما بعد إذ يكون المعنى عليه إن الذين لا يرجون رؤيتنا في الآخرة التي هي مظنة الرؤية لكثير من الناس اقترحوا رؤيتنا في الدنيا التي ليست مظنة لذلك، وقد يقال: نفي رجاء لقائه تعالى كناية عن إنكار البعث والحشر ولعله أولى مما تقدم أي وقال الذين ينكرون البعث والحشر * (لولا أنزل علينا الملئكة) * أي هلا أنزلوا علينا فيخبرونا بصدق محمد صلى الله عليه وسلم * (أو نرى ربنا) * فيخبرنا بذلك كما روي عن ابن جريج. وغيره وفي طلب إنزال ملائكة للتصديق دون إنزال ملك إشارة إلى أنهم بلغوا في التكذيب مبلغا لا ينفع معه تصديق ملك واحد وإذا اعتبرت أل في الملائكة للاستغراق الحقيقي كانت الإشارة إلى قوة تكذيبهم أقوى، وتزداد القوة إذا اعتبر في
(٢)