فسينزله عليكم حسبما تستوجبون في وقته المقدر له لا محالة.
* (فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة إنه كان عذاب يوم عظيم) * * (فكذبوه) * فاستمروا على تكذيبه وكذبوه تكذيبا بعد تكذيب * (فأخذهم عذاب يوم الظلة) * وذلك على ما أخرج عبد بن حميد. وابن جرير. وابن املنذر.، وابن أبي حاتم. والحاكم عن ابن عباس أن الله تعالى بعث عليهم حرا شديدا فأخذ بأنفاسهم فدخلوا أجواب البيوت فدخل عليهم فخرجوا منها هرابا إلى البرية فبعث الله تعالى عليهم سحابة فاظلتهم من الشمس وهي الظلة فوجدوا لها بردا ولذة فنادى بعضهم بعضا حتى إذا اجتمعوا تحتها أسقطها الله عز وجل عليهم نارا فأكلتهم جميعا. وجاء في كثير من الروايات أن الله عز وجل سلط عليهم الحر سبعة أيام ولياليهن ثم كان ما كان من الخروج إلى البرية وما بعده وكان ذلك على نحو ما اقترحوه لا سيما على القول أنهم عنوا بالسماء السحاب، وفي إضافة العذاب إلى يوم الظلة دون نفسها إيذان بأن لهم عذابا آخر غير عذاب الظلة وفي ترك بيانه تعظيم لأمره.
وقد أخرج ابن جرير. والحاكم. وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: من حدثك من العلماء ما عذاب يوم الظلة فكذبه، وكأنه أراد بذلك مجموع عذاب الظلة الذي ذكر في الخبر السابق والعذاب الآخر الذي آذنت به الإضافة إلى اليوم * (إنه كان عذاب يوم عظيم) * أي في الشدة والهول وفظاعة ما وقع فيه من الطامة والداهية التامة.
* (إن في ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم) * * (إن في ذالك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم) * هذا آخر القصص السبع التي سيقت لما علمته سابقا، ولعل الاقتصار على هذا العدد على ما قيل لأنه عدد تام وأنا أفوض العلم بسر ذلك وكذا العلم بسر ترتيب القصص على هذا الوجه لحضرة علام الغيوب جل شأنه، وقوله سبحانه:
* (وإنه لتنزيل رب العالمين) * * (وإنه لتنزيل رب العالمين) * الخ عود لما في مطلع السورة الكريمة من التنويه بشأن القرآن، العظيم، ورد ما قال المشركون فيه فالضمير راجع إلى القررن، وقيل: هو تقرير لحقية تلك القصص وتنبيه على إعجاز القرآن ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم فإن الأخبار عنها ممن لم يتعلمها لا يكون إلا وحيا من الله عز وجل، فالضمير لما ذكر من الآيات الكريمة الناطقة بتلك القصص المحكية، وجوز أن يكون للقرآن الذي هي من جملته والأخبار عن ذلك بتنزيل للمبالغة. والمراد أنه لمنزل من الله تعالى ووصفه سبحانه بربوبية العالمين للإيذان بأن تنزيله من أحكام تربتيه عز وجل ورأفته بالكل.
* (نزل به الروح الامين) * * (نزل به) * أي أنزله على أن الباء للتعدية.
وقال أبو حيان: وابن عطية: هي للمصاحبة والجار والمجرور في مضوع الحال كما في قوله تعالى: * (وقد دخلوا بالكفر) * (المائدة: 61) أي نزل مصاحبا له * (الروح الأمين) * يعني جبرائيل عليه السلام، وعبر عنه بالروح لأنه يحيى به الخلق في باب الدين أو لأنه روح كله لا كالناس الذين في أبدانهم روح، ووصف عليه السلام بالأمين لأنه أمين وحيه تعالى وموصله إلى من شاء من عباده جل شأنه من غير تغيير وتحريف أصلا. وقرأ حمزة. والكسائي. وأبو بكر. وابن عامر * (نزل به الروح الأمين) * بتشديد الزاي ونصب * (الروح. والأمين) * أي جعل الله تعالى الروح الأمين نازلا به.
* (على قلبك لتكون من المنذرين) * * (على قلبك) * متعلق بنزل لا بالأمين. والمراد بالقلب إما الروح وهو أحد اطلاقاته كما قال الراغب. وكون الانزال عليه على ما قال غير واحد لأنه المدرك والمكلف دون