تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٩ - الصفحة ١١٥
إنكار وتوبيخ. والاتيان كناية عن الوطء. و * (الذكران) * جمع ذكر مقابل الأنثى. والظاهر أن * (من العالمين) * متصل به أي أتأتون الذكران من أولاد بني آدم على قرط كثرتهم وتفاوت أجناسهم وغلبة إناثهم على ذكر انهم كأن الإناث قد أعوزتكم فالمراد بالعالمين الناس لأن المأتى الذكور منهم خاصة والقرينة إيقاع الفعل والجمع بالواو والنون من غير نظر إلى تغليب. وأما خروج الملك والجن فمن الضرورة العقلية. ويجوز أن يكون متصلا بتأتون أي أتأتون من بين من عداكم من العالمين الذكر أن لا يشارككم غبه غيركم فالمراد بالعالمين كل من يتأتى منه الاتيان. والعالم على هذا ما يعلم به الخالق سبحانه. والجمع للغليب وخروج غيره لما مر. ولا يضر كون الحمار. والخنزير يأتيان الذكور في أمر الاختصاص للندرة أو لاسقاطهما عن حيز الاعتبار، وجوز أن يراد بالعالمين على الوجه الثاني الناس أيضا، وإذا قيل بشمولهم لمن تقدم من العالمين تفيد الآية أنهم أول من سن هذه السنة السيئة كما يفصح عنه قوله تعالى: * (ما سبقكم بها من أحد من العالمين) * (الأعراف: 80).
* (وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون) * * (وتذرون ما خلق لكم ربكم) * لأجل استمتاعكم، وكلمة * (من) * في قوله تعالى: * (من أزواجكم) * للبيان إن أريد بما جنس الإناث، ولعل في الكلام حينئذ مضافين محذوفين أي وتذرون إتيان فروج ما خلق لكم أو للتبعيض إن أريد بما العضو المباح من الأزواج. ويؤيده قراءة ابن مسعود * (ما أصلح لكم ربكم من أزواجكم) * وحينئذ يكتفي بتقدير مضاف واحد أي وتذرون اتيان ما خلق. ويكون في الكلام على ما قيل تعريض بأنهم كانوا يأتون نساءهم أيضا في محاشهن ولم يصرح بإنكاره كما صرح بإنكار اتيان الذكر ان لأنه دونه في الإثم.
وهو على المشهور عند أهل السنة حرام بل كبيرة. وقيل: هو مباح، وقد تقدم الكلام في ذلك مبسوطا عند الكلام في قوله تعالى: * (نساؤوكم حرث لكم فأتوا حرثكم أني شئتم) * (البقرة: 223) وقيل: ليس في الكلام مضاف محذوف أصلا، والمراد ذمهم بترك ما خلق لهم وعدم الالتفات إليه بوجه من الوجوه فضلا عن الاتيان، وأنت تعلم أن المعنى ظاهر على التقدير، وقوله تعالى: * (بل أنتم قوم عادون) * اضراب انتقالي والعادي المتعدى في جميع المعاصي وهذا من جملتها أو متجاوزون عن حد الشهوة حيث زدتم على سائر الناس بل أكثر الحيوانات. وقيل: متجاوزون الحد في الظلم حيث ظلمتم باتيان ما لم يخلق للاتيان وترك اتيان ما خلق له، وفي البحر أن
(١١٥)
مفاتيح البحث: الظلم (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»