تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٩ - الصفحة ١١٧
إلى أنه مما لا يشق أمر هلاكها على لوط عليه السلام وسائر أهله بمقتضى الطبيعة البشرية. وقيل: للإيماء إلى أنها قد عسيت في الكفر ودامت فيه إلى أن صارت عجوزا، والغابر الباقي بعد مضي من معه. وأنشد ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فيذلك قول عبيد بن الأبرص: ذهبوا وخلفني المخلف فيهم * فكأنني في الغابرين غريب والمراد فنجيناه وأهله من العذاب بإخراجهم من بينهم ليلا عند مشارفة حلوله بهم إلا عجوزا مقدرة في الباقين في العذاب بعد سلامة من خرج. وإنما اعتبر البقاء في العذاب دون البقاء في الدار لما روي أنها خرجت مع لوط عليه السلام فأصابها حجر في الطريق فهلكت، وقيل: المراد من الباقين في الدار بناء على أنها لهلاكها كأنها ممن بقي فيها أو أنها خرجت ثم رجعت فهلكت كما في بعض الروايات أو أنها لم تخرج مع لوط عليه السلام أصلا كما في البعض الآخر منها. وقيل: الغابر طويل العمر وكأنه إنما أطلق عليه ذلك لبقائه مع مضي من كان معه. والمراد وصف العجوز بأنها طاعنة في السن. وقرأ عبد الله كما روي عنه مجاهد * (وواعدنا أن نؤتيه أهله أجمعين * إلا عجوزا في الغابرين.
* (ثم دمرنا الاخرين) * * (ثم دمرنا الآخرين) * أهلكناهم أشدا هلاك وأفظعه وكان ذلك الائتفاك. والظاهر العطف على * (نجينا) * والتدمير متراخ عن التنجية من مطلق العذاب فلا حاجة إلى القول بأن المراد أردنا تنجيته أو حكمنا بها أو معنى * (فنجيناه) * فاستجبنا دعاءه في تنجيته وكل ذلك خلاف الظاهر.
وجوز الطيبي كون * (ثم) * للتراخي في الرتبة.
* (وأمطرنا عليهم مطرا فسآء مطر المنذرين) * * (وأمطرنا عليهم مطرا) * أي نوعا من المطر غير معهود فقد كان حجارة من سجيل كما صرح به في قوله تعالى: * (فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل) * (هود: 82).
وجمع الأمران لهم زيادة في اهانتهم. وقيل: كان الائتفاك لطائفة والأمطار لأخرى منهم. وكانت هذه على ما روي عن مقاتل للذين كانوا خارجين من القرية لبعض حوائجهم ولعله مراد قتادة بالشذاذ فيما روي عنه * (فساء مطر المنذرين) * اللام فيه للجنس وبه يتسنى وقوع المضاف إليه فاعل ساء بناء على أنها بمعنى بئس. والمخصوص بالذم محذوف وهو مطرهم وإذا لم تكن ساء كذلك جاز كونها للعهد.
* (إن فى ذلك لاية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم * كذب أصح‍ابل‍ايكة المرسلين) * * (إن في ذالك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم * كذب أصحاب الأيكة المرسلين) * الأيكة الغيضة التي تنبت ناعم الشجر وهي غيضة من ساحل البحر إلى مدين يسكنها طائفة وكانوا ممن بعث إليهم شعيب عليه السلام وكان أجنبيا منهم ولذلك قيل.
* (إذ قال لهم شعيب ألا تتقون) * * (إذ قال لهم شعيب ألا تتقون) * ولم يقل أخوهم، وقيل: * (الأيكة) * الشجر الملتف وكان شجرهم الدوم وهو المقل، وعلى القولين * (أصحاب الأيكة) * غير أهل مدين، ومن غريب النقل عن ابن عباس أنهم هم أهل مدين.
وقرأ الحرميان. وابن عامر * (ليكة) * بلام مفتوحة بعدها ياء بغير ألف ممنوع الصرف هنا، وفي ص؛ قال أبو عبيدة: وجدنا في بعض كتب التفسير أن * (ليكة) * اسم للقرية و * (الأيكة) * البلاد كلها كمكة. وبكة. ورأيتها في الإمام مصحف عثمان رضي الله تعالى عنه في الحجر و * (ق) * * (الأيكة) * وفي * (الشعراء وص) * * (ليكة) * واجتمعت مصاحب الأمصار كلها بعد ذلك ولم تختلف، وفي الكشاف من قرأ بالنصب، وزعم أن * (ليكة) * بوزن ليلة
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 ... » »»