آخرتكم فتكون حالا مؤسسة.
* (واتقوا ا الذى خلقكم وا الجبلة ا الاولين) * * (واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين) * أي وذوي الجبلة أي الخلقة والطبيعة أو والمجبولين على أحوالهم التي بنوا عليها وسبلهم التي قيضوا لسلوكها المتقدمين عليكم من الأمم، وجاء في رواية عن ابن عباس أن الجبلة الجماعة إذا كانت عشرة آلاف كأنها شبهت على ما قيل بالقطعة العطيمة من الجبل، وقيل: هي الجماعة الكثيرة مطلقا كأنها شبهت بما ذكر أيضا.
وقرأ أبو حصين. والأعمش. والحسن بخلاف عنه * (الجبلة) * بضم الجيم والباء وشد اللام. وقرأ السلمي * (الجبلة) * بكسر الجيم وسكون الباء كالخلقة، وفي نسخة عنه بفتح الجيم وسكون الباء قيل وتشديد اللام في القراءتين للمبالغة.
* (قالوا إنمآ أنت من المسحرين * ومآ أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين) * * (قالوا إنما أنت من المسحرين * وما أنت إلا بشر مثلنا) * الكلام فيه نظير ما تقدم في قصة ثمود بيد أنه أدخل الواو بين الجملتين هنا للدلالة على أن كلا من التسحير والبشرية مناف للرسالة فيكف إذا اجتمعا وأرادوا بذلك المبالغة في التكذيب، ولم تدخل هناك حيث لم يقصد إلا معنى واحد وهو كونه مسحرا ثم قرر بكونه بشرا مثلهم كذا في الكشاف، وفي الكشف أن فيه ما يلوح إلى اختصاص كل بموضعه وإن الكلام هنالك في كونه مثلهم غير ممتاز بما يوجب الفضيلة ولهذا عقبوه بقولهم: * (فأت بآية) * فدل على أنهم لم يجعلوا البشرية منافية للنبوة وإنما جعلوا الوصف تمهيدا للاشتراك وأنه أبدع في دعواه، وههنا ساقوا ذلك مساق ما ينافي النبوة فجعلوا كل واحد صفة مستقلة في المنافاة ليكون أبلغ. وجعلوا إنكار النبوة أمرا مفروغا ولذا عقبوه بقولهم: * (وإن نظنك) * الخ، وقال النيسابوري في وجه الاختصاص إن صالحا عليه السلام قلل في الخطاب فقللوا في الجواب وأكثر شعيب عليه السلام في الخطاب ولهذا قيل له: خطيب الإنبياء فأكثروا في الجواب، ولعله أراد أن شعيبا عليه السلام في الخطاب ولهذا قيل له: خطيب الأنبياء فأكثروا في الجواب، ولعله أراد أن شعيبا عليه السلام بالغ في زجرهم فبالغوا في تكذيبه ولا كذلك صالح عليه السلام مع قومه فتأمل، و * (إن) * في قوله سبحانه * (وإن نظنك لمن الكاذبين) * هي المخففة من الثقيلة واللام في * (لمن) * هي الفارقة، وقال الكوفيون: إن نافية واللام بمعنى إلا وهو خلاف مشهور أي وإن الشأن نظنك من الكاذبين في الدعوى أو ما نظنك إلا من الكاذبين فيها، ومرادهم أنه عليه السلام وحاشاه راسخ القدم في الكذب في دعواه الرسالة أو فيها وفي دعوى نزول العذاب الذي يشعر به الأمر بالتقوى من التهديد.
وظاهر حالهم إنهم عنوا بالظن الإدراك الجازم، وقوله عز وجل.
* (فأسقط علينا كسفا من السمآء إن كنت من الصادقين) * * (فأسقط علينا كسفا من السماء إن كنت من الصادقين) * من الاقتراح الذي تحته كل الإنكار على نحو * (إن كان هذا هو الحق من عندك فامطر علينا حجارة من السماء) * (الأنفال: 32) ولعلهم قابلوا به ما أشعر به الأمر بالتقوى مما ذكرنا، و " كسفا " أي قطعا كما روي عن ابن عباس. وقتادة جمع كسفة كقطعة.
وقرأ الأكثرون " كسفا " بكسر الكاف وسكون السين وهو أيضا جمع كسفة مثل سدرة وسدر، وقيل: الكسف والكسفة كالريع والريعة وهي القطعة، والمراد بالسماء اما المظلمة وهو الظاهر وإما السحاب، والظاهر أن الجار والمجرور متعلق بمحذوف وقع صفة لما قبله وتعلقه بأسقط في غاية السقوط، وجوز عليه أن يراد بالسماء جهة العلو، وجواب أن محذوف دل عليه فأسقط، ومن جوز تقدم الجواب جعله الجواب.
* (قال ربىأعلم بما تعملون) * * (قال ربي أعلم بما تعملون) * أي هو تعالى أعلم بأعمالكم من الكفر والمعاصي وبما تستوجبون عليها من العذاب