تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٩ - الصفحة ١١٤
على صحه دعواك * (إن كنت من الصادقين) * فيها.
* (قال ه‍اذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم) * * (قال ه‍اذه ناقة) * أي بعد ما أخرجها الله تعالى بدعائه.
روي أنهم اقترحوا عليه ناقة عشراء تخرج من صخرة عينوها ثم تلد سقبا فقعد عليه السلام يتذكر فقال له: جبريل عليه السلام صل ركعتين وسل ربك ففعل فخرجت الناقة وبركت بين أيديهم ونتجت سقبا مثلها في العظم فعند ذلك قال لهم: هذه ناقة * (لها شرب) * أي نصيب مشروب من الماء كالسقى والقيت للنصيب من السقى والوقت وكان هذا الشرب من عين عندهم.
وفي مجمع البيان عن علي كرم الله تعالى وجهه أن تلك العين أول عين نبعت في الأرض وقد فجرها الله عز وجل لصالح عليه السلام * (ولكم شرب يوم معلوم) * فاقتنعوا بشربكم ولا تزاحموها على شربها.
وقرأ ابن أبي عبلة * (شرب) * بضم الشين فيهما، واستدل بالآية على جواز قسمة ماء نحو الآبار على هذا الوجه.
* (ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم) * * (ولا تمسوها بسوء) * كضرب وعقر * (فيأخذكم عذاب يوم عظيم) * وصف اليوم بالعظم لعظم ما يحل فيه وهو أبلغ من عظم العذاب وهذا من المجاز في النسبة، وجعل * (عظيم) * صفة * (عذاب) * والجر للمجاورة نحو هذا جحر ضب خرب ليس بشيء.
* (فعقروها فأصبحوا ن‍ادمين) * * (فعقروها) * نسب العقر إليهم كلهم مع أن عاقرها واحد منهم وهو قدار بن سالف وكان نساجا على ما ذكره غير واحد، وجاء في رواية أن مسطعا ألجأها إلى مضيق في شعب فرماها بسهم فأصاب رجلها فسقطت ثم ضربها قدار لما روي أن عاقرها قال: لا أعقرها حتى ترضوا أجمعين فكانوا يدخلون على المرأة في خدرها فيقول: أترضين؟ فتقول: نعم وكذلك الصبيان فرضوا جميعا، وقيل: لأن العقر كان بأمرهم ومعاونتهم جميعا كما يفصح عنه قوله تعالى: * (فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر) * وفيه بحث * (فأصبحوا نادمين) * خوفا من حلول العذاب كما قال جمع، وتعقب بأنه مردود بقوله تعالى: * (وقالوا) * أي بعد ما عقروها: * (يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين) * (الأعراف: 77)، وأجيب بأن قوله بعد ما عقروها في حيز المنع إذ الواو لا تدل على الترتيب فيجوز أن يريدوا بما تعدنا من المعجزة أو الواو حالية أي والحال أنهم طلبوها من صالح ووعدوه الإيمان بها عند ظهورها مع أنه يجوز ندم بعض وقول بعض آخر ذلك بإسناد ما صدر من البعض إلى الكل لعدم نهيهم عنه أو نحو ذلك أو ندموا كلهم أو لا خوفا ثم قست قلوبهم وزال خوفهم أو على العكس، وجوز أن يقال: إنهم ندموا على عقرها ندم توبة لكنه كان عند معاينة العذاب وعند ذلك لا ينفع الندم، وقيل: لم ينفعهم ذلك لأنهم لم يتلافوا ما فعلوا بالإيمان المطلوب منهم.
وقيل: ندموا على ترك سقبها ولا يخفى بعده، ومثله ما قيل: إنهم ندموا على عقرها لما فاتهم به من لبنها، فقد روي أنه إذا كان يومها أصدرتهم لنا ما شاؤوا.
* (فأخذهم العذاب إن فى ذلك لأية وما كان أكثرهم مؤمنين) * * (فأخذهم العذاب) * الموعود وكان صيحة خمدت لها أبدانهم وانشقت قلوبهم وماتوا عن آخرهم وصب عليهم حجارة خلال ذلك.
وإن ربك لهو العزيز الرحيم * كذبت قوم لوط المرسلين) * * (وإن ربك لهو العزيز الرحيم * كذبت قوم لوط المرسلين * إذ قال لهم أخوهم لوط) * وكانوا من أصهاره عليه السلام.
* (إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون * إنى لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * ومآ أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب الع‍المين * أتأتون الذكران من الع‍المين) * * (ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب الع‍المين * أتأتون الذكران من الع‍المين) *
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»