أي كم أقمتم فيها أحياء * (عدد سنين) * تمييز لكم وهي ظرف زمان للبثتم، وقال: أبو البقاء * (عددا) * بدل من * (كم) *، وقرأ الأعمش والمفضل عن عاصم * (عددا) * بالتنوين فقال أبو الفضل الرازي * (سنين) * نصب على الظرف * (وعددا) * مصدر أقيم مقام الاسم فهو نعت مقدم على المنعوت، وتجويز أن يكون معنى * (لبثتم) * عددتم بعيد، وقال أبو البقاء: * (سنين) * على هذه القراءة بدل من * (عددا) *.
* (قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل العآدين) *.
* (قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم) * استقصارا لمدة لبثهم بالنسبة إلى ما تحققوه من طول زمان خلودهم في النار، وقيل: استقصروها لأنها كانت أيام سرورهم بالنسبة إلى ما هم فيه وأيام السرور قصار، وقيل: لأنها كانت منقضية والمنقضى لا يعتني بشأنه فلا يدري مقداره طولا وقصرا فيظن أنه كان قصيرا * (فسئل العادين) * أي المتمكنين من العد فإنا بما دهمنا من العذاب بمعزل من ذلك أو الملائكة العادين لأعمار العباد وأعمالهم على ما رواه جماعة عن مجاهد.
وقرأ الحسن. والكسائي في رواية * (العادين) * بتخفيف الدال أي الظلمة فإنهم يقولون كما نقول كان الأتباع يسمون الرؤساء بذلك لظلمهم إياهم بإضلالهم. وقرىء * (العاديين) * بتشديد الياء جمع عادي نسبة إلى قوم عاد والمراد بهم المعمرون لأن قوم عاد كانوا يعمرون كثيرا أي فاسئل القدماء المعمرين فإنهم أيضا يستقصرون مدة ليثهم.
* (قال إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون) *.
* (قال) * أي الله تعالى أو الملك. وقرأ الأخوان * (قل) * على الأمر كما قرآ فيما مر كذلك.
وفي " الدر المصون " الفعلان في مصاحف الكوفة بغير ألف وبألف في مصاحف مكة. والمدينة: والشام. والبصرة، ونقل مثله عن ابن عطية، وفي " الكشاف " عكس ذلك وكأن الرسم بدون ألف يحتمل حذفها من الماضي على خلاف القياس وفي رسم المصحف من الغرائب ما لا يخفى فلا تغفل.
* (إن لبثتم) * أي ما لبثتم * (إلا قليلا) * تصديق لهم في مقالتهم * (لو أنكم كنتم تعلمون) * أي تعلمون شيئا أو لو كنتم من أهل العلم، و * (لو) * شرطية وجوابها محذوف ثقة بدلالة الكلام عليه أي لو كنتم تعلمون لعلمتم يومئذ قصر أيام الدنيا كما علمتم اليوم ولعملتم بموجب ذلك ولم يصدر منكم ما أوجب خلودكم في النار وقولنا لكم: * (اخسؤا فيها ولا تكلمون) * وقيل المعنى لو كنتم تعلمون قلة لبثكم في الدنيا بالنسبة للآخرة ما اغتررتم بها وعصيتم، وكأن نفي العلم بذلك عنهم على هذا لعدم عملهم بموجبه ومن لم يعمل بعلمه فهو والجاهل سواء.
وقدر أبو البقاء الجواب لما أجبتم بهذه المدة، ولعله يجعل الكلام السابق ردا عليهم لا تصديقا وإلا لا يصح هذا التقدير، وجوز أن تكون * (لو) * للتمني فلا تحتاج لجواب، ولا ينبغي أن تجعل وصلية لأنها بدون الواو نادرة أو غير موجودة، هذا وقال غير واحد من المفسرين: المراد سؤالهم عن مدة لبثهم في القبور حيث أنهم كانوا يزعمون أنهم بعد الموت يصيرون ترابا ولا يقومون من قبورهم أبدا.
وزعم ابن عطية أن هذا هو الأصوب وأن قوله سبحانه فيما بعد: * (وأنكم إلينا لا ترجعون) * (المؤمنون: 115) يقتضيه وفيه منع ظاهر، ويؤيد ما ذهبنا إليه ما روي مرفوعا " أن الله تعالى إذا أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قال: يا أهل الجنة كم لبثتم في الأرض عدد