تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٨ - الصفحة ٦٩
وقيل: هم الصحابة، وقيل: أهل الصفة رضي الله تعالى عنهم أجمعين.
* (يقولون ربنا ءامنا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين) *.
* (فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكرى وكنتم منهم تضحكون) *.
* (فاتخذتموهم سخريا) * أي هزؤا أي اسكتوا عن الدعاء بقولكم * (ربنا) * الخ لأنكم كنتم تستهزئون بالداعين خوفا من هذا اليوم بقولهم: * (ربنا آمنا) * الخ * (حتى أنسوكم) * بتشاغلكم بالاستهزاء بهم * (ذكرى) * أي خوف عقابي في هذا اليوم.
* (وكنتم منهم تضحكون) * وذلك غاية الاستهزاء، وقيل: التعليل على معنى إنما خسألناكم كالكلب ولم نحتفلكم إذ دعوتم لأنكم استهزأتم غاية الاستهزاء بأوليائي حين دعوا واستمر ذلك منكم حتى نسيتم ذكرى بالكلية ولم تخافوا عقابي فهذا جزاؤكم، وقيل: خلاصة معنى الآية إنه كان فريق من عبادي يدعون فتشاغلتم بهم ساخرين واستمر تشاغلكم باستهزائهم إلى أن جركم ذلك إلى تلك ذكرى في أوليائي فلم تخافوني في الاستهزاء بهم، ثم قيل: وهذا التذنيب لازم ليصح قوله تعالى: * (إنه كان) * الخ تعليلا ويرتبط الكلام ويتلاءم مع قوله سبحانه: * (وكنتم منهم تضحكون) * ولو لم يرد به ذلك يكون إنساء الذكر كالأجنبي في هذا المقام، وفيه تسخط عظيم لفعلهم ذلك ودلالة على اختصاص بالغ لأولئك العباد المسخور منهم كما نبه عليه أولا في قوله تعالى: * (من عبادي) * وختمه بقوله سبحانه: * (إني جزيتهم) * إلى قوله تعالى: * (هم الفائزون) * وزاد في خسئهم بإعزاز أضدادهم انتهى ولا يخلو عن بحث.
وقرأ نافع. وحمزة. والكسائي * (سخريا) * بضم السين وباقي السبعة بكسرها، والمعنى عليهما واحد وهو الهزؤ عند الخليل. وأبي زيد الأنصاري. وسيبويه. وقال أبو عبيدة. والكسائي. والفراء: مضموم السين بمعنى الاستخدام من غير أجرة ومكسورها بمعنى الاستهزاء، وقال يونس: إذا أريد الاستخدام ضم السين لا غير وإذا أريد الهزؤ جاز الضم والكسر، وهو في الحالين مصدر زيدت فيه ياء النسبة للمبالغة كما في أحمري. [بم وقوله تعالى:
* (إنى جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفآئزون) *.
* (إني جزيتهم اليوم بما صبروا) * أي بسبب صبرهم على أذيتكم استئناف لبيان حسن حالهم وأنهم انتفعوا بما آذوهم، وفيه إغاظة لهم، وقوله سبحانه: * (أنهم هم الفائزون) * إما في موضع المفعول الثاني للجزاء وهو يتعدى له بنفسه وبالباء كما قال الراغب أي جزيتهم فوزهم بمجامع مراداتهم كما يؤذن به معمول الوصف حال كونهم مخصوصين بذلك كما يؤذن به توسيط ضمير الفصل وأما في موضع جر بلام تعليل مقدرة أي لفوزهم بالتوحيد المؤدي إلى كل سعادة، ولا يمنع من ذلك تعليل الجزاء بالصبر لأن الأسباب لكونها ليست عللا تامة يجوز تعددها.
وقرأ زيد بن علي. وحمزة. والكسائي. وخارجة عن نافع * (إنهم) * بالكسر على أن الجملة استئناف معلل للجزاء، وقيل: مبين لكيفيته فتدبر.
* (ق‍ال كم لبثتم فى الارض عدد سنين) *.
* (قال) * الله تعالى شأنه أو الملك المأمور بذلك لا بعض رؤساء أهل النار كما قيل تذكرا لما لبثوا فيما سألوا الرجعة إليه من الدنيا بعد التنبيه على استحالته وفيه توبيخ على إنكارهم الآخرة، وقرأ حمزة. والكسائي. وابن كثير * (قل) * على الأمر للملك لا لبعض الرؤساء كما قيل ولا لجميع الكفار على إقامة الواحد مقام الجماعة كما زعمه الثعالبي * (كم لبثتم في الأرض) * التي تدعون أن ترجعوا إليها
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»