تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٨ - الصفحة ٧٤
التجلي الإلهي * (تنبت بالدهن وصبغ للآكلين) * (المؤمنون: 20) أي تنبت بالجامع لهذين الوصفين وهو الاستعداد، والآكلين إشارة إلى المغدين بأطعمة المعارف * (ادفع بالتي هي أحسن السيئة) * (المؤمنون: 96) فيه من الأمر بمكارم الأخلاق ما فيه.
* (وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين) * (المؤمنون: 118) فيه إشارة إلى أنه لا ينبغي الاغترار بالأعمال وإرشاد إلى التشبث برحمة الملك المتعال، نسأل الله تعالى أن يوفقنا لطاعته ويغفر لنا ما ارتكبناه من مخالفته ويتفضل علينا بأعظم مما نؤمله من رحمته كرامة لنبيه الكريم وحبيبه الذي هو بالمؤمنين رؤوف رحيم صلى الله تعالى عليه وعلى له وصحبه وسلم وشرف وعظم وكرم.
سورة النور مدنية كما أخرج ابن مردويه عن ابن عباس. وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم، وحكى أبو حيان الاجماع على مدنيتها ولم يستثني الكثير من آيها شيئا، وعن القرطبي أن آية * (يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم) * (النور: 58) الخ مكية، وهي اثنتان وستون آية، وقيل: أربعون وستون آية، ووجه اتصالها بسورة المؤمنين أنه سبحانه لما قال فيها: * (والذين هم لفروجهم حافظون) * (المؤمنون: 5) وذكر في هذه أحكام من لم يحفظ فرجه من الزانية والزاني وما اتصل بذلك من شأن القذف وقصة الأفك والأمر بغض البصر الذي هو داعية الزنا والاستئذان الذي إنما جعل من أجل النظر وأمر فيها بالإنكاح حفظا للفرج وأمر من لم يقدر على النكاح بالاستعفاف ونهى عن إكراه الفتيات على الزنا.
وقال الطبرسي في ذلك: إنه تعالى لما ذكر فيما تقدم أنه لم يخلق الخلق للعبث بل للأمر والنهي ذكر جل وعلا ههنا جملة من الأوامر والنواهي ولعل الأول أولى. وجاء عن مجاهد قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علموا رجالكم سورة المائدة وعلموا نساءكم سورة النور " وعن حارثة بن مضرب رضي الله تعالى عنه قال: كتب إلينا عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أن تعلموا سورة النساء والأحزاب والنور.
* (سورة أنزلن‍اها وفرضن‍اها وأنزلنا فيهآ ءاي‍ات بين‍ات لعلكم تذكرون) *.
الرحيم) * * (سورة) * خبر مبتدأ محذوف أي هذه سورة وأشير إليها بهذه تنزيلا لها منزلة الحاضر المشاهد، وقوله تعالى: * (أنزلناها) * مع ما عطف عليه صفات لها مؤكدة لما أفاده التنكير من الفخامة من حيث الذات بالفخامة من حيث الصفات على ما ذكره شيخ الإسلام، والقول بجواز أن تكون للتخصيص احترازا عما هو قائم بذاته تعالى ليس بشيء أصلا كما لا يخفى.
وجوز أن تكون * (سورة) * مبتدأ محذوف الخبر أي مما يتلى عليكم أو فيما أوحينا إليك سورة أنزلناها الخ، وذكر بعضهم أنه قصد من هذه الجملة الامتنان والمدح والترغيب لا فائدة الخبر ولا لازمها وهو كون المخبر عالما بالحكم للعلم بكل ذلك، والكلام فيما إذا قصد به مثل هذا إنشاء على ما اختاره في " الكشف " وهو ظاهر قول الإمام المرزوقي في قوله: قومي هموا قتلوا أميم أخي هذا الكلام تحزن وتفجع.
وليس بأخبار، واختار رخرون أن الجملة خبرية مراد بها معناها إلا أنها إنما أوردت لغرض سوى إفادة الحكم أو لازمه وإليه ذهب السالكوتي، وأول كلام المرزوقي بأن المراد بالأخبار فيه الإعلام، وتحقيق ذلك في موضعه. واعترض شيخ الإسلام هذا الوجه بما بحث فيه.
وجوز ابن عطية أن تكون * (سورة) * مبتدأ والخبر قوله تعالى: * (الزانية والزاني) * (النور: 2) الخ وفيه من البعد
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»