حقا والحق باطلا وأنى لها التذكر والخوف.
* (بل أتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون) *.
* (بل أتيناهم بالحق) * إضراب عن قولهم * (إن هذا إلا أساطير الأولين) * (المؤمنون: 83) والمراد بالحق الوعد بالبعث وقيل: ما يعمه والتوحيد ويدل على ذلك السياق. وقرىء * (بل أتيتهم) * بتاء المتكلم. وقرأ ابن أبي إسحق بتاء الخطاب * (وإنهم لكاذبون) * في قولهم: * (إن هذا إلا أساطير الأولين) * (الأنعام: 25) أو في ذلك وقولهم بما ينافي التوحيد.
* (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إلاه بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون) *.
* (ما اتخذ الله من ولد) * لتنزهه عز وجل عن الاحتياج وتقدسه تعالى عن مماثلة أحد.
* (وما كان معه من إلاه) * يشاركه سبحانه في الألوهية * (إذا لذهب كل إله بما خلق) * أي لاستبد بالذي خلقه واستقل به تصرفا وامتاز ملكه عن ملك الآخر * (ولعلا بعضهم على بعض) * ولوقع التحارب والتغالب بينهم كما هو الجاري فيما بين الملوك والتالي باطل لما يلزم من ذلك نفي ألوهية الجميع أو ألوهية ما عدا واحدا منهم وهو خلاف المفروض أو لما أنه يلزم أن لا يكون بيده تعالى وحده ملكوت كل شيء وهو باطل في نفسه لما برهن عليه في الكلام وعند الخصم لأنه يقول باختصاص ملكوت كل شيء به تعالى كما يدل عليه السؤال والجواب السابقان آنفا كذا قيل، ولا يخفى أن اللزوم في الشرطية المفهومة من الآية عادي لا عقلي ولذا قيل: إن الآية إشارة إلى دليل إقناعي للتوحيد لا قطعي.
وفي " الكشف " قد لاح لنا من لطف الله تعالى وتأييده أن الآية برهان نير على توحيده سبحانه، وتقريره أن مرجح الممكنات الواجب الوجود تعالى شأنه جل عن كل كثرة أما كثرة المقومات أو الأجزاء الكمية فبينة الانتفاء لإيذانها بالإمكان، وأما التعدد مع الاتحاد في الماهية فكذلك للافتقار إلى المميز ولا يكون مقتضى الماهية لاتحادهما فيه فيلزم الإمكان، ثم المميزان في الطرفين صفتا كمال لأن الاتصاف بما لا كمال فيه نقص فهما ممكنان مفتقران في الوجود إلى مكمل خارج هو الواجب بالحقيقة، وكذلك الافتقار في كمال ما للوجود يوجب الإمكان لإيجابه أن يكون فيه أمر بالفعل وأمر بالقوة واقتضائه التركيب والإمكان.
ومن هنا قال العلماء: إن واجب الوجود بذاته واجب بجميع صفاته ليس له أمر منتظر ومع الاختلاف في الماهية يلزم أن لا يكون المرجح مرجحا أي لا يكون الإله إلها لأن كل واحد واحد من الممكنات إن استقلا بترجيحه لزم توارد العلتين التامتين على معلول شخصي وهو ظاهر الاستحالة فكونه مرجحا إلها يوجب افتقار إليه وكون غيره مستقلا بالترجيح يوجب الاستغناء عنه فيكون مرجحا غير مرجح في حالة واحدة، وإن تعاونا فكمثل إذ ليس ولا واحد منهما بمرجح وفرضا مرجحين مع ما فيه من العجز عن الإيجاد والافتقار إلى الآخر، وإن اختص كل منهما ببعض مع أن الافتقار إليهما على السواء لزم اختصاص ذلك المرجح بمخصص يخصصه بذلك البعض بالضرورة وليس الذات لأن الافتقار إليهما على السواء فلا أولوية للترجيح من حيث الذات ولا معلول الذات لأنه يكون ممكنا والكلام فيه عائد فيلزم الحال من الوجهين الأولين أعني الافتقار إلى مميز غير الذات ومقتضاها ولزوم النقص لكل واحد لأن هذا المميز صفة كمال ثم مخصص كل بذلك التمييز هو الواجب الخارج لا هما، وإلى المحال الأول الإشارة بقوله تعالى: * (إذا لذهب كل إله بما خلق) * وهو لازم على تقدير التخالف في الماهية واختصاص كل ببعض، وخص هذا القسم لأن ما سواه أظهر استحالة، وإلى