التناسخية وهم مليون ونحليون، ويمكن أن يقال: إن هذا على حد قوله تعالى لعيسى عليه السلام: * (إني متوفيك ورافعك إلى) * على قول فإن العطف فيه بالواو وهي لا تقتضي الترتيب فيجوز أن تكون الحياة التي عنوها الحياة التي قبل الموت ويحتمل أنهم قالوا نحيا ونموت إلا أنه لما حكى عنهم قيل: * (نموت ونحيا) * ليكون أوفق بقوله تعالى: * (إن هي إلا حياتنا الدنيا) * ثم المراد بقولهم * (وما نحن) * الخ استمرار النفي وتأكيده.
* (إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين) *.
* (إن هو) * أي ما هو * (إلا رجل افترى على الله كذبا) * فيما يدعيه من إرساله تعالى إياه وفيما يعدنا من أن الله تعالى يبعثنا * (وما نحن له بمؤمنين) * بمصدقين فيما يقوله، والمراد أيضا استمرار النفي وتأكيده.
* (قال رب انصرنى بما كذبون) *.
* (قال) * أي رسولهم عند يأسه من إيمانهم بعدما سلك في دعوتهم كل مسلم متضرعا إلى الله عز وجل * (رب انصرني) * عليهم وانتقم لي منهم * (بما كذبون) * أي بسبب تكذيبهم إياي وإصرارهم عليه أو بدل تكذيبهم، ويجوز أن تكون الباء آلية وما موصولة كما مر في قصة نوح عليه السلام * (قال) * تعالى إجابة لدعائه وعدة بما طلب.
* (قال عما قليل ليصبحن نادمين) *.
* (عما قليل) * أي عن زمان قليل فما صلة بين الجار والمجرور جيء بها لتأكيد معنى القلة و * (قليل) * صفة لزمان حذف واستغنى به عنه ومجيئه كذلك كثير، وجوز أن تكون * (ما) * نكرة تامة و * (قليل) * بدلا منها، وأن تكون نكرة موصوفة بقليل، و * (عن) * بمعنى بعد هنا وهي متعلق بقوله تعالى: * (ليصبحن نادمين) * وتعلقها بكل من الفعل والوصف محتمل، وجاز ذلك مع توسط لام القسم لأن الجار كالظرف يتوسع فيه ما لا يتوسع في غيره.
وقال أبو حيان: جمهور أصحابنا على أن لام القسم لا يتقدمها معمول ما بعدها سواء كان ظرفا أم جارا ومجرورا أو غيرهما، وعليه يكون ذلك متعلقا بمحذوف يدل عليه ما قبله والتقدير عما قليل تنصر أو ما بعده أي يصبحون عما قليل ليصبحن الخ، ومذهب الفراء. وأبي عبيدة أنه يجوز تقديم معمول ما في حيز هذه اللام عليها مطلقا، و * (يصبح) * بمعنى يصير أي بالله تعالى ليصيرن نادمين على ما فعلوا من التكذيب بعد زمان قليل وذلك وقت نزول العذاب في الدنيا ومعاينتهم له، وقيل: بعد الموت، وفي " اللوامح " عن بعضهم * (لتصبحن) * بتاء على المخاطبة فلو ذهب ذاهب إلى أن القول من الرسول إلى الكفار بعدما أجيب دعاؤه لكان جائزا.
* (فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثآء فبعدا للقوم الظالمين) *.
* (فأخذتهم الصيحة) * أي صيحة جبريل عليه السلام صاح عليه السلام بهم فدمرهم، وهذا على القول بأن القرن قوم صالح عليه السلام ظاهر، ومن قال: إنهم قوم هود عليه السلام أشكل ظاهر هذا عليه بناءا على أن المصرح به في غير هذه السورة أنهم أهلكوا بريح عاتية، وأجاب بأن جبريل عليه السلام صاح بهم من الريح كما روى في بعض الأحاديث، وفي ذكر كل على حدة إشارة إلى أن كلا لو انفرد لتدميرهم لكفى، ويجوز أن يراد بالصيحة العقوبة الهائلة والعذاب المصطلم كما في قوله: صاح الزمان بآل برمك صيحة * خروا لشدتها على الأذقان * (بالحق) * متعلق بالأخذ أي بالأمر الثابت الذي لا مدفع له كما في قوله تعالى: * (وجاءت سكرة الموت