بالحق) * (ق: 19) أو بالعدل من الله عز وجل من قولك: فلان يقضي بالحق إذا كان عادلا في قضاياه أو بالوعد الصدق الذي وعده الرسول في ضمن قوله تعالى: * (عما قليل ليصبحن نادمين) * (المؤمنون: 4) * (فجعلناهم غثاء) * أي كغثاء السيل وهو ما يحمله من الورق والعيدان البالية ويجمع على أغثاء شذوذا وقد تشدد ثاؤه كما في قول امرىء القيس:
كأن ذرى رأس المجيمر غدوة * من السيل والغثاء فلكة مغزل * (فبعدا للقوم الظالمين) * يحتمل الاخبار والدعاء، والبعد ضد القرب والهلاك وفعلهما ككرم وفرح والمتعارف الأول في الأول والثاني في الثاني وهو منصوب بمقدر أي بعدوا بعدا من رحمة الله تعالى أو من كل خير أو من النجاة أو هلكوا هلاكا، ويجب حذف ناصب هذا المصدر عند سيبويه فيما إذا كان دعائيا كما صرح به في " الدر المصون "، واللام لبيان من دعى عليه أو أخبر ببعده فهي متعلقة بمحذوف لا ببعدا، ووضع الظاهر موضع الضمير إيذانا بأن إبعادهم لظلمهم.
* (ثم أنشأنا من بعدهم قرونا ءاخرين) *.
* (ثم أنشأنا من بعدهم) * أي بعد هلاكهم * (قرونا آخرين) * هم عند أكثر المفسرين قوم صالح. وقوم لوط. وقوم شعيب وغير ذلك.
* (ما تسبق من أمة أجلها وما يستاخرون) *.
* (ما تسبق من أمة أجلها) * أي ما تتقدم أمة من الأمم المهلكة الوقت الذي عين لهلاكهم فمن سيف خطيب جيء بها لتأكيد الاستغراق المستفاد من النكرة الواقعة في سياق النفي، وحاصل المعنى ما تهلك أمة من الأمم قبل مجيء أجلها * (وما يستئخرون) * ذلك الأجل ساعة، وضمير الجمع عائد على * (أمة) * باعتبار المعنى.
* (ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جآء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون) *.
* (ثم أرسلنا رسلنا) * عطف على * (أنشأنا) * لكن لا على معنى أن إرسالهم متراخ عن إنشاء القرون المذكورة جميعا بل على معنى أن إرسال كل رسول متأخر عن إرسال قرن مخصوص بذلك الرسول كأنه قيل: ثم أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين قد أرسلنا إلى كل قرن منهم رسولا خاصا به، والفصل بين المعطوفين بالجملة المعترضة للمسارعة إلى بيان هلاك أولئك القرون على وجه إجمالي، وتعليق الإرسال بالرسل نظير تعليق القتل بالقتيل في من قتل قتيلا وللعلماء فيه توجيهات * (تترا) * من المواترة وهو التتابع مع فصل ومهلة على ما قاله الأصمعي. واختاره الحريري في الدرة.
وفي " الصحاح المواترة " المتابعة ولا تكون المواترة بين الأشياء إلا إذا وقعت بينها فترة وإلا فهي مداركة ومثله في " القاموس "، وعن أبي علي أنه قال: المواترة أن يتبع الخبر الخبر والكتاب الكتاب فلا يكون بينهما فصل كثير، ونقل في " البحر " عن بعض أن المواترة التتابع بغير مهلة، وقيل: هو التتابع مطلقا، والتاء الأولى يدل من الواو كما في تراث وتجاه ويدل على ذلك الاشتقاق، وجمهور القراء. والعرب على عدم تنوينه فالفه للتأنيث كالف دعوى وذكرى وهو مصدر في موضع الحال والظاهر أنه حال من المفعول، والمراد كما قال أبو حيان. والراغب. وغيرهما ثم أرسلنا رسلنا متواترين، وقيل: حال من الفاعل والمراد أرسلنا متواترين.
وقيل هو صفة لمصدر مقدر أي إرسالا متواترا، وقيل مفعول مطلق لأرسلنا لأنه بمعنى واترنا. وقرأ ابن كثير. وأبو عمرو. وقتادة. وأبو جعفر. وشعبة. وابن محيصن. والإمام الشافعي عليه الرحمة * (تترى) * بالتنوين وهو