الممدودة فوزنه فعلاء كصحراء، وقيل: منع من الصرف للعلمية والعجمة، وقيل: للعلمية والتأنيث بتأويل البقعة ووزنه فيعال لا فعلال إذ لا يوجد هذا الوزن في غير المضاعف في كلام العرب إلا نادرا كخزعال لظلع الإبل حكاه الفراء ولم يثبته أبو البقاء، والأكثرون على أنه ليس بعربي بل هو أمانبطي أو حبشي واصل معناه الحسن أو المبارك، وجوز بعض أن يكون عربيا من السناء بالمد وهو الرفعة أو السنا بالقصر وهو النور.
وتعقبه أبو حيان بأن المادتين مختلفتان لأن عين السناء أو السنا نون وعين سيناء ياء. ورد بأن القائل بذلك يقول إنه فيعال ويجعل عينه النون وياءه مزيدة وهمزته منقلبة عن واو، وقرأ الحرميان. وأبو عمرو. والحسن * (سيناء) * بكسر السين والمد وهي لغة لبني كنانة وهو أيضا ممنوع من الصرف للألف الممدودة عند الكوفيين لأنهم يثبتون أن همزة فعلاء تكون للتأنيث. وعند البصريين ممنوع من الصرف للعلمية والعجمة أو العلمية والتأنيث لأن ألف فعلاء عندهم لا تكون للتأنيث بل للالحاق بفعلال كعلباء وحرباء وهو ملحق بقرطاس وسرداح وهمزته منقلبة عن واو أو ياء لأن الإلحاق يكون بهما، وقال أبو البقاء: همزة سيناء بالكسر أصل مثل حملاق وليست للتأنيث إذ ليس في الكلام مثل حمراء والياء أصل إذ ليس في الكلام سناء، وجوز بعضهم أن يكون فيعالا كديماس، وقرأ الأعمش * (سينا) * بالفتح والقصر، وقرىء * (سينا) * بالكسر والقصر فألفه للتأنيث أن لم يكن أعجميا، والمراد بهذه الشجرة شجرة الزيتون وتخصيصها بالذكر من بين سائر الأشجار لاستقلالها بمنافع معروفة. وقد قيل هي أول شجرة نبتت بعد الطوفان وتعمر كثيرا، ففي التذكرة أنها تدوم ألف عام ولا تبعد صحته لكن علله بقوله: لتعلقها بالكوكب العالي وهو بعيد الصحة. وفي تفسير الخازن قيل تبقى ثلاثة آلاف سنة وتخصيصها بالوصف بالخروج من الطور مع خروجها من سائر البقاع أيضا وأكثر ما تكون في المواضع التي زاد عرضها عليها ميلها واشتد بردها وكانت جبلية ذا تربة بيضاء أو حمراء لتعظيمها أو لأنه المنشأ الأصلي لها، ولعل جعله للتعظيم أولى فيكون هذا مدحا لها باعتبار مكانها.
وقوله تعالى: * (تنبت بالدهن) * مدحا لها باعتبار ما هي عليه في نفسها، والباء للملابسة والمصاحبة مثلها في قولك: جاء بثياب السفر وهي متعلقة بمحذوف وقع حالا من ضمير الشجرة أي تنبت ملتبسة بالدهن وهو عصارة كل ما فيه دسم. والمراد به هنا الزيت وملابستها به باعتبار ملابسة ثمرها فإنه الملابس له في الحقيقة.
وجوز أن تكون الباء متعلقة بالفعل معدية له كما في قولك: ذهبت بزيد كأنه قيل: تنبت الدهن بمعنى تتضمنه وتحصله. ولا يخفى أن هذا وإن صح إلا أن إنبات الدهن غير معروف في الاستعمال.
وقرأ ابن كثير. وأبو عمرو. وسلام. وسهل. ورويس. والجحدري * (تنبت) * بضم التاء المثناة من فوق وكسر الباء على أنه من باب الأفعال، وخرج ذلك على أنه من أنبت بمعنى نبت فالهمزة فيه ليست للتعدية وقد جاء كذلك في قول زهير: رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم * قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل وأنكر ذلك الأصمعي وقال: إن الرواية في البيت نبت بدون همزة مع أنه يحتمل أن تكون همزة أنبت فيه إن كانت للتعدية بتقدير مفعول أي أنبت البقل ثمره أو ما يأكلون، ومنهم من خرج ما في الآية على ذلك وقال: التقدير تنبت زيتونها بالدهن، والجار والمجرور على هذا في موضع الحال من المفعول أو من الضمير