/ * (لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا) *.
* (أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا) *.
* (أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها) * تنزل عما تقدم كأنهم قالوا: إن لم توجد المخالفة بيننا وبينه في الأكل والتعيش فهلا يكون معه من يخالف فيهما يكون ردءا له في الإنذار فإن لم توجد فهلا يخالفنا في أحدهما وهو طلب المعاش بأن يلقى إليه من السماء كنز يستظهر به ويرتفع احتياجه إلى التعيش بالكلية فإن لم يوجد فلا أقل من رفع الاحتياج في الجملة بإتيان بستان يتعيش بريعه كما للدهاقين والمياسير من الناس. والزمخشري ذكر أنهم عنوا بقولهم * (ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق) * أنه كان يجب أن يكون ملكا ثم نزلوا عن ملكيته إلى صحبة ملك له يعينه ثم نزلوا عن ذلك إلى كونه مرفودا بكنز ثم نزلوا فاقتنعوا بأن يكون له بستان يأكل منه ويرتزق، قيل الجملة الأخيرة فقط تنزل منهم وما قبل استئناف جوابا عما يقال كيف يخالف حاله صلى الله عليه وسلم حالكم وبأي شيء يحصل ذلك ويتميز عنكم؟ ولا يخفى ما فيه ونصب * (يكون) * على جواب التحضيض، وقرىء * (فيكون) * بالرفع حكاه أبو معاذ، وخرج على أن يكون معطوف على * (أنزل) * لأنه لو وقع موقعه المضارع لكان مرفوعا لأنك تقول ابتداء لولا ينزل بالرفع وقد عطف عليه * (يلقى) * و * (تكون) * وهما مرفوعان أو هو جواب التحضيض على إضمار هو أي فهو يكون، ولا يجوز في مثل هذا التركيب نصب * (يلقى) * وتكون بالعطف على يكون المنصوب لأنهما في حكم المطلوب بالتحضيض لا في حكم الجواب.
ولعل التعبير أولا بالماضي مع أن الأصل في لولا التي للتحضيض أو العرض دخولها على المضارع لأن إنزال الملك مع قطع النظر عن أن يكون معه عليه الصلاة والسلام نذيرا أمر متحقق لم يزل مدعيا له صلى الله عليه وسلم فما أخرجوا الكلام حسبما يدعيه عليه الصلاة والسلام وإن لم يكن مسلما عندهم، وفيه نوع تهكم منهم قاتلهم الله تعالى بخلاف الإلقاء وحصول الجنة، ولعل في التعبير بالمضارع فيهما وإن كان هو الأصل إشارة إلى الاستمرار التجددي كأنهم طلبوا شيئا لا ينفد. وذكر ابن هشام في " المغني " عن الهروي أنه قال بمجىء لولا للاستفهام ومثل له بمثالين أحدهما قوله تعالى: * (لولا أنزل إليه ملك) *، وتعقب ذلك بأنه معنى لم يذكره أكثر النحويين، والظاهر أنها في المثال المذكور مثلها في قوله تعالى: * (لولا جاؤا عليه بأربعة شهداء) * (النور: 13)، وذكر أنها في ذلك للتوبيخ والتنديم وهي حينئذ تختص بالماضي، ولا يخفى أنه إن عنى بقوله تعالى: * (لولا أنزل إليه ملك) * (الفرقان: 7) ما وقع هنا فأمر كونها فيه للتوبيخ والتنديم في غاية الخفاء فتدبر، وقرأ قتادة والأعمش * (أو يكون) * بالياء آخر الحروف، وقرأ زيد بن علي. وحمزة. والكسائي وابن وثاب. وطلحة. والأعمش * (نأكل) * بالنون إسنادا للفعل إلى ضمير الكفر القائلين ماذكر * (وقال الظلمون) * هم القائلون الأولون وإنما وضع المظهر موضع ضميرهم تسجيلا عليهم بالظلم فيما قالوه لكونه إضلالا خارجا عن حد الضلال مع ما فيه من نسبته صلى الله عليه وسلم إلى ما يشهد العقل والنقل ببراءته منه أو إلى ما يصلح أن يكون متمسكا لما يزعمون من نفي الرسالة، وقيل: يحتمل أن يكون المراد، وقال الكاملون في الظلم منهم وأيا ما كان فالمراد أنهم قالوا للمؤمنين * (إن تتبعون) * أي ما تتبعون * (إلا رجلا مسحورا) * سحر فغلب على عقله فالمراد بالسحر ما به اختلال العقل، وقيل: أصيب سحره أي رئته فاختل حاله كما يقال مرؤس أي أصيب رأسه، وقيل: يسحر بالطعام وبالشراب أي يغذي أو ذا سحر أي رئة على أن مفعول للنسب وأرادا أنه عليه الصلاة والسلام، بشر مثلهم، وقيل أي ذا سحر بكسر السين وعنوا - قاتلهم الله تعالى - ساحرا، والأظهر على ما في " البحر " التفسير الأول، وذكر هو الأنسب بحالهم.
* (انظر كيف ضربوا لك الامثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا) *.
* (انظر كيف ضربوا لك الأمثال) * استعظام