تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٨ - الصفحة ٢٤٠
وكأن التعبير على هذا بالجملتين الماضويتين لفظا في * (إن شاء جعل) * (الفرقان: 10) الخ لزيادة تبكيت الكفار فيما اقترحوا من جنسه، ولما لم يقترحوا ما هو جنس جعل القصور لم يسلك فيه ذلك المسلك فتدبر، وقيل: كان الظاهر نعد التعبير أولا في الجزاء بالماضي أن يعبر به هنا أيضا لكنه عدل إلى المضارع لأن جعل القصور في الجنان مستقبل بالنسبة إلى جعل الجنان، ثم أن هذا العطف يقتضي عدم دخول القصور في الخير المبدل منه قوله سبحانه: * (جنات) * وكان ما تقدم عن " الكشاف " بيان لحاصل المعنى بمعونة السياق، وجوز أن يكون مرفوعا أدغمت لامه في لام * (لك) * لكن إدغام المثلين إذا تحرك أولهما إنما هو مذهب أبي عمرو، والذي قرأ بالتسكين من السبعة هو وحمزة. والكسائي. ونافع. وفي رواية محبوب عنه أنه قرأ بالرفع بلا إدغام وهي قراءة ابن عامر. وابن كثير. ومجاهد. وحميد. وأبي بكر، والعطف على هذه القراءة واحتمال الإدغام عند ابن عطية على المعنى في * (جعل) * لأن جواب الشرط موضع استئناف ألا يرى أن الجملة من المبتدأ والخبر قد تقع موقع جواب الشرط.
وقال الزمخشري: هو معطوف على * (جعل) * لأن الشرط إذا كان ماضيا جاز في جوابه الجزم والرفع كقول زهير في مدح هرم بن سنان. وإن أتاه ليل يوم مسغبة * يقول لا غائب مالي ولا حرم ومذهب سيبويه أن الجواب في مثل ذلك محذوف وأن المضارع المرفوع على نية التقديم، وذهب الكوفيون، والمبرد إلى أنه هو الجواب وأنه على حذف الفاء. والتركيب عند الجمهور فصيح سائغ في النثر كالشعر، وحكى أبو حيان عن بعض أصحابه أنه لا يجوز إلا في الضرورة إذ لم يجيء إلا في الشعر، وتمام الكلام في تحقيق المذاهب في محله، وقال الحوفي. وأبو البقاء: الرفع على الاستئناف قيل وهو استئناف نحوي، والكلام وعد له صلى الله عليه وسلم بجعل تلك القصور في الآخرة ولذا عدل عن الماضي إلى المضارع الدال على الاستقبال، وقيل: هو استئناف بياني كان قائلا يقول: كيف الحال في الآخرة؟ فقيل: يجعل لك فيها قصورا، وجعل بعضهم على الاستئناف هذا الجعل في الدنيا أيضا على معنى إن شاء جعل لك في الدنيا جنات ويجعل لك في تلك الحنات قصورا إن تحققت الشرطية وهو كما ترى، وقيل: الرفع بالعطف على * (تجري) * صفة بتقدير ويجعل فيها أي الجنات، وليس بشيء، وقرأ عبيد الله بن موسى. وطلحة بن سليمان * (ويجعل) * بالنصب على إضمار أن، ووجه على ما نقل عن السيرافي أن الشرط لما كان غير مجزوم أشبه الاستفهام، وقيل: لما كان غير واقع حال المشارطة أشبه النفي، وقد ذكر النصب بعده سيبويه، وقال إنه ضعيف، وقيل: الفعل مرفوع وفتح لامه اتباعا للام * (لك) * نظير ما قيل في قوله: لم يمنع الشرب منها غير أن نطقت * حمامة في غصون ذات أوقال من أنه فتح راء غير اتباعا لهمزة أن وهو أحد وجهين في البيت، ونظير الآية في هذه القراآت قول النابغة: فإن يهلك أبو قابوس يهلك * ربيع الناس والشهر الحرام ونأخذ بعده بذناب عيش * أجب الظهر ليس له سنام فإنه يروى في نأخذ الجزم والرفع والنصب.
* (بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا) *.
* (بل كذبوا بالساعة) * انتقال إلى حكاية نوع آخر
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»