المستتر في الفعل؛ وقيل: الباء زائدة كما في قوله تعالى: * (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) * ونسبة الإنبات إلى الشجرة بل وإلى الدهن مجازية قال الخفاجي:
ويحتمل تعدية أنبت بالباء لمفعول ثان.
وقرأ الحسن. والزهري. وابن هرمز * (تنبت) * بضم أوله وفتح ما قبل آخره مبنيا للمفعول، والجار والمجرور في موضع الحال، وقرأ زر بن حبيش * (تنبت) * من الأفعال * (الدهن) * بالنصب وقرأ سليمان بن عبد الملك. والأشهب * (بالدهان) * جمع دهن كرماح جمع رمح، وما رووا من قراءة عبد الله تخرج الدهن وقراءة أبي تثمر بالدهن محمول على التفسير على ما في البحر لمخالفته سواد المصحف المجمع عليه ولأن الرواية الثابتة عنهما كقراءة الجمهور.
* (وصبغ للآكلين) * معطوف على الدهن، ومغايرته له التي يقتضيها العطف باعتبار المفهوم وإلا فذاتهما واحدة عند كثير من المفسرين وقد جاء كثيرا تنزيل تغاير المفهومين منزلة تغاير الذاتين، ومنه قوله: إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم والمعنى تنبت بالشيء الجامع بين كونه دهن يدهن به ويسرح منه وكونه إداما يصبغ فيه الخبز أي يغمس للائتدام قال في المغرب يقال: صبغ الثوب بصبغ حسن وصباغ ومنه الصبغ والصباغ من الأدام لأن الخبز يغمس فيه ويلون به كالخل والزيت، وظاهر هذا اختصاصه بكل ادام مائع وبه صرح في المصباح. وصرح بعضهم بأن إطلاق الصبغ على ذلك مجاز، ولعل في كلام المغرب نوع إشارة إليه. وروي عن مقاتل أنه قال: الدهن الزيت والصبغ والزيتون وعلى هذا يكون العطف من عطف المتغايرين ذاتا وهو الأكثر في العطف، ولا بد أن يقال عليه إن الصبغ الادام مطلقا وهو ما يؤكل تبعا للخبز في الغالب مائعا كان أم جامدا والزيتون أكثر ما يأكله الفقراء في بلادنا تبعا للخبز والأغنياء يأكلونه تبعا لنحو الأرز وقلما يأكلونه تبعا للخبز، وأنا مشغوف به مذ أنا يافع فكثيرا ما آكله تبعا واستقلالا، وأما الزيت فلم أر في أهل بغداد من اصطبغ منه وشذ من أكل منهم طعاما هو فيه وأكثرهم يعجب ممن يأكله ومنشأ ذلك قلة وجوده عندهم وعدم الفهم له فتعافه نفوسهم. وقد كنت قديما تعافه نفسي وتدريجا ألفته والحمد لله تعالى، فقد كان صلى الله عليه وسلم يأكله. وصح أنه صلى الله عليه وسلم طبخ له لسان شاة بزيت فأكل منه، وأخرج أبو نعيم في الطب عن أبي هريرة قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا الزيت وادهنوا به فإنه شفاء من سبعين داء منها الجذام " وأخرج الترمذي في الأطعمة عن عمر رضي الله تعالى عنه مرفوعا " كلوا الزيت واذهبوا به فإنه يخرج من شجرة مباركة " لكن قال بعضهم: هذا الأمر لمن قدر على استعماله ووافق مزاجه وهو كذلك فلا اعتراض على من لم يوافق مزاجه في عدم استعماله بل الظاهر حرمة استعماله عليه إن أضربه كما قالوا بحرمة استعمال الصفراوي للعسل ولا فرق في ذلك بين الأكل والادهان فإن الادهان به قد يضر كالأكل، قال ابن القيم: الدهن في البلاد الحارة كالحجاز من أسباب حفظ الصحة وإصلاح البدن وهو كالضروري لأهلها وأما في البلاد الباردة فضار وكثرة دهن الرأس بالزيت فيها فيه خطر على البصر انتهى.
وقرأ عامر بن عبد الله * (وصباغا) * وهو بمعنى صبغ كما مرت إليه الإشارة ومنه دبغ ودباغ. ونصبه بالعطف على موضع * (بالدهن) * وفي تفسير ابن عطية وقرأ عامر بن عبد قيس ومتاعا للآكلين وهو محمول على التفسير.
* (وإن لكم فى الانعام لعبرة نسقيكم مما فى بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون) *.
* (وإن لكم في الأنعام لعبرة) * بيان للتعم الواصلة إليهم من جهة الحيوان إثر بيان النعم الفائضة من جهة الماء والنبات وقد بين أنها مع كونها في نفسها نعمة ينتفعون بها على وجوه شتى عبرة لا بد من أن