نعرفه عن أحد من السلف ولا ذكره فقهاؤنا وما أظنه إلا بدعة ولا يعد فاعلها إلا مضحكة للعقلاء، وكون المزور حيا في قبره لا يستدعي الاستئذان في الدخول لزيارته، وكذا ما ذكره بعض الفقهاء من أنه ينبغي للزائر التأدب مع المزور كما يتأدب معه حيا كما لا يخفى. وقد رأيت بعد كتابتي هذه في " الجوهر المنتظم " في زيارة القبر المعظم صلى الله تعالى على صاحبه وسلم لابن حجر المكي ما نصه، قال بعضهم: وينبغي أن يقف - يعني الزائر - بالباب وقفة لطيفة كالمستأذن في الدخول على العظماء انتهى.
وفيه أنه لا أصل لذلك ولا حال ولا أدب يقتضيه انتهى. ومنه يعلم أنه إذا لم يشرع ذلك في زيارة قبره عليه الصلاة والسلام فعدم مشروعيته في زيارة غيره من باب أولى فاحفظ ذاك والله تعالى يعصمنا من البدع وإياك. وقيل في قوله تعالى: * (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم) * (النور: 30) الخ إن فيه أمرا بغض بصر النفس عن مشتيهات الدنيا وبصر القلب عن رؤية الأعمال ونعيم الآخرة وبصر السر عن الدرجات والقربات وبصر الروح عن الالتفات إلى ما سوى الله تعالى وبصر الهمة عن أن يرى نفسه أهلا لشهود الحق تنزيها له تعالى وإجلالا، وأمرا بحفظ فرج الباطن عن تصرفات الكونين فيه، والإشارة بأمر النساء بعدم إبداء الزينة إلا لمن استثنى إلى أنه لا ينبغي لمن تزين بزينة الإسرار أن يظهرها لغير المحارم ومن لم يسترها عن الأجانب. وبقوله تعالى: * (وانكحوا الأيامى منكم) * الخ إلى النكاح المعنوي وهو أن يودع الشيخ الكامل في رحم القلب من صلب الولاية نطفة استعداد قبول الفيض الإلهي. وقد أشير إلى هذا الاستعداد بقوله سبحانه: * (إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) * (النور: 32) ثم قال جل وعلا: * (وليستعفف) * أي ليحفظ * (الذين لا يجدون) * شيخا في الحال أرحام قلوبهم عن تصرفات الدنيا والهوى والشيطان * (حتى يغنيهم الله من فضله) * بأن يوفق لهم شيخا كاملا أو يخصهم سبحانه بجذبة من جذباته، وأشير بقوله تعالى: * (والذين يبتغون الكتاب) * الخ إلى أن المريد إذا طلب الخلاص عن قيد الرياضة لزم إجابته إن علم فيه الخير وهو التوحيد والمعرفة والتوكل والرضا والقناعة وصدق العمل والوفاء بالعهد ووجب أن يؤتى بعض المواهب التي خصها الله تعالى بها الشيخ، وأشير بقوله تعالى: * (ولا تكرهوا) * (النور: 33) الخ إلى أن النفس إذا لم تكن مائلة إلى التصرف في الدنيا لم تكره عليه. ولهم في قوله تعالى: * (الله نور السموات والأرض) * (النور: 35) كلام طويل عريض وفيما قدمنا ما يصلح أن يكون من هذا الباب، وذكر أن قوله تعالى: * (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) * (النور: 37) مما يدخل في عمومه أهل الطريقة العلية النقشبندية الذين حصل لهم الذكر القلبي ورسخ في قلوبهم بحيث لا يغفلون عنه سبحانه في حال من الأحوال وهذا وإن ثبت لغيرهم أيضا من أرباب الطرائق فإنما يثبت في النهايات دون المبادىء كما يثبت لأهل تلك الطريقة. وفي مكتوبات الإمام الرباني قدس سره ما يغني عن الإطالة في شرح أحوال هؤلاء القوم وبيان منزلتهم في الذكر والحضور بين سائر الأقوام حشرتا الله تعالى وإياهم تحت لواء النبي عليه الصلاة والسلام، وقيل إن قوله تعالى: * (ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور) * (النور: 40) إشارة لما ورد في حديث " خلق الله تعالى الخلق في ظلمة ثم رش عليهم من نوره فمن أصابه منه اهتدى ومنه أخطأه ضل " والله تعالى الموفق لصالح العمل.
* (ألم تر أن الله يسبح له من فى السماوات والارض والطير صآفات كل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون) *.
* (ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض) * الخ استئناف خوطب به النبي صلى الله عليه وسلم