تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٨ - الصفحة ١٧٥
دخول الجنب والحائض والنفساء ولو على وجه العبور وقد قالوا بتحريم ذلك وإدخال نجاسة فيها يخاف منها التلويث ولذا قالوا: ينبغي لمن أراد أن يدخل المسجد أن يتعاهد النعل والخف عن النجاسة ثم يدخل فيه احترازا عن تلويث المسجد، ومنع إدخال الميت فيها ومنع إدخال الصبيان والمجانين وهو حرام حيث غلب تنجيسهم وإلا فهو مكروه، وقد جاء الأمر بتجنيبهم عن المساجد مطلقا.
أخرج ابن ماجه عن واثلة بن الأسقع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل سيوفكم واتخذوا على أبوابها المطاهر وجمروها في الجمع ومنع إنشاد الضالة وإنشاد الأشعار، فقد أخرج الطبراني. وابن السني. وابن منده عن ثوبان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من رأيتموه ينشد شعرا في المسجد فقولوا فض الله تعالى فاك ثلاث مرات ومن رأيتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا: لا وجدتها ثلاث مرات " الحديث. وينبغي أن يقيد المنع من إنشاد الشعر بما إذا كان فيه شيء مذموم كهجو المسلم. وصفة الخمر. وذكر النساء. والمردان. وغير ذلك مما هو مذموم شرعا، وأما إذا كان مشتملا على مدح النبوة والإسلام أو كان مشتملا على حكمة أو باعثا على مكارم الأخلاق والزهد ونحو ذلك من أنواع الخير فلا بأس بإنشاده فيها، ومنع القاء القملة فيه بعد قتلها وهو مكروه تنزيها على ما صرح به بعض المتأخرين، ويندب أن لا تلقى حية في المسجد، فقد أخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن رجل من الأنصار قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا وجد أحدكم القملة في المسجد فليصرها في ثوبه حتى يخرجها " ومنع البول فيها ولو في إناء وقد صرحوا بحرمة ذلك، وفي الأشباه وأما الفصد في المسجد في إناء فلم أره، وينبغي أن لا فرق أي لأن كلا من البول والدم نجس مغلظ، ومنع القاء البصاق فيها.
وفي " البدائع " يكره التوضىء في المسجد لأنه مستقذر طبعا فيجب تنزيه المسجد عنه كما يجب تنزيهه عن المخاط والبلغم، وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي " أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في قبلة المسجد نخامة فقام إليها فحكها بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم ثم دعا بخلوق فلطخ مكانها " فقال الشعبي: هو سنة، وذكروا أن إلقاء النخامة فوق الحصير أخف من وضعها تحته فإن اضطر إليه دفنها، وفي حديث أخرجه ابن أبي شيبة عن أنس مرفوعا " التفل في المسجد خطيئة وكفارته أن يواريه " وروى الطبراني في الأوسط عن ابن عباس مرفوعا أيضا نحوه، ومنع الوطء فيها وفوقها كالتخلي وصرحوا بحرمة ذلك، ومنع دخول من أكل ذا رائحة كريهة فيها كالثوم والبصل والكراث وآكل الفجل إذا تجشأ كذلك، وقد كان الرجل في زمان النبي صلى الله عليه وسلم إذا وجد منه ريح الثوم يؤخذ بيده ويخرج إلى البقيع، والظاهر أن الأبخر أو من به صنان مستحكم حكمه حكم آكل الثوم والبثل، وكذا حكم من رائحة ثيابه كريهة كثياب الزياتين والدباغين، وعن مالك أن الزياتين يتأخرون ولا يتقدمون إلى الصف الأول ويقعدون في أخريات الناس، ومنع النوم والأكل فيها لغير معتكف، ومنع الجلوس فيها للمصيبة أو للتحدث بكلام الدنيا، ومنع اتخاذها طريقا وهو مكروه أو حرام. وقد جاء النهي عن ذلك في حديث رواه ابن ماجه عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما مرفوعا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أن اتخاذها طريقا من أشراط الساعة؛ وفي القنية معتاد ذلك يأثم ويفسق، نعم إن كان هناك عذر لم يكره المرور، ومن تعظيمها رشها وقمها، فقد أخرج ابن أبي شيبة عن زيد
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»