تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٨ - الصفحة ١٢٥
الألوهية للسمع والعلم مع ما فيه من تأكيد الاستقلال التذييلي.
* (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمس‍اكين والمه‍اجرين فى سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) *.
* (ولا يأتل) * أي لا يحلف افتعال من الألية.
وقال أبو عبيدة. واختاره أبو مسلم: أي لا يقصر من الألو بوزن الدلو والألو بوزن العتو، قيل: والأول أوفق بسبب النزول وذلك أنه صح عن عائشة وغيرها أن أبا بكر رضي الله تعالى عنه حلف لما رأى براءة ابنته أن لا ينفق على مسطح شيئا أبدا وكان من فقراء المهاجرين الأولين الذين شهدوا بدرا وكان ابن خالته، وقيل: ابن أخته رضي الله تعالى عنه فنزلت * (ولا يأتل) * الخ وهذا هو المشهور.
وعن محمد بن سيرين أن أبا بكر حلف لا ينفق على رجلين كانا يتيمين في حجره حيث خاضا في أمر عائشة أحدهما مسطح فنزلت، وعن ابن عباس، والضحاك أنه قطع جماعة من المؤمنين منهم أبو بكر رضي الله تعالى عنه منافعهم عمن قال في الإفك وقالوا: والله لا نصل من تكلم فيه فنزلت، وقرأ عبد الله بن عباس بن ربيعة. وأبو جعفر مولاه وزيد بن أسلم * (يتال) * مضارع تالى بمعنى حلف، قال الشاعر: تالى ابن أوس حلفة ليردني * إلى نسوة لي كأنهن مقائد وهذه القراءة تؤيد المعنى الأول ليأتل * (أولوا الفضل منكم) * أي الزيادة في الدين * (والسعة) * أي في المال * (أن يؤتوا) * أي على أن لا يؤتوا أو كراهة أن يؤتوا أو لا يقصروا في أن يؤتوا.
وقرأ أبو حيوة. وابن قطيب. وأبو البرهسم * (تؤتوا) * بتاء الخطاب على الالتفات.
* (أولى القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله) * صفات لموصوف واحد بناء على ما علمت من أن الآية نزلت على الصحيح بسبب حلف أبي بكمر أن لا ينفق على مسطح وهو متصف كمما سمعت بها فالعطف لتنزيل تغاير الصفات منزلة تغاير الموصوفات، والجمع وإن كان السبب خاصا لقصد العموم وعدم الاكتفاء بصفة للمبالغة في إثبات استحقاق مسطح ونحوه الايتاء فإن من اتصف بواحدة من هذه الصفات إذا استحقه فمن جمعها بالطريق الأولى، وقيل: هي لموصوفات أقيمت هي مقامها وحذف المفعول الثاني لغاية ظهوره أي أن يؤتوهم شيئا * (وليعفوا) * ما فرط منهم * (وليصفحوا) * بالإغضاء عنه، وقرأ عبد الله. والحسن. وسفيان بن الحسين. وأسماء بنت يزيد * (ولتعفوا ولتصفحوا) * بتاء الخطاب على وفق قوله تعالى:
* (ألا تحبون أن يغفر الله لكم) * أي بمقابلة عفوكم وصفحكم وإحسانكم إلى من أساء إليكم * (والله غفور رحيم) * مبالغ في المغفرة والرحمة مع كمال قدرته سبحانه على المؤاخذة وكثرة ذنوب العباد الداعية إليها، وفيه ترغيب عظيم في العفو ووعد كريم بمقابلته كأنه قيل: ألا تحبون أن يغفر الله لكم فهذا من موجباته، وصح أن أبا بكر لما سمع الآية قال: بلى والله يا ربنا إنا لنحب أن تغفر لنا وأعاد له نفقته، وفي رواية أنه صار يعطيه ضعفي ما كان يعطيه أولا، ونزلت هذه الآية على ما أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بعد أن أقبل مسطح إلى أبي بكر معتذرا فقال. جعلني الله تعالى فداك والله الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ما قذفتها وما تكلمت بشيء مما قيل لها أي خال فقال أبو بكر. ولكن قد ضحكت وأعجبك الذي قيل فيها فقال مسطح. لعله يكون قد كان بعض ذلك، وفي الآية من الحث على مكارم الأخلاق ما فيها. واستدل بها على فضل الصديق رضي الله تعالى عنه لأنه داخل في أولي الفضل قطعا لأنه وحده أو مع جماعة سبب النزول، ولا يضر في ذلك عموم
(١٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 ... » »»