* (عصبة منكم) * خبر إن وإليه ذهب الحوفي. وأبو البقاء، وقال ابن عطية: هو بدل من ضمير * (جاؤوا) * والخير جملة قوله تعالى: * (لا تحسبوه شرا لكم) * والتقدير إن فعل الذين وهذا أنسق في المعنى وأكثر فائدة من أن يكون * (عصبة) * الخبر انتهى، ولا يخفى أنه تكلف، والفائدة في الأخبار على الأول قيل: التسلية بأن الجائين بذلك الإفك فرقة متعصبة متعاونة. وذلك من أمارات كونه إفكا لا أصل له، وقيل: الأول أن تكون التسلية بأن ذلك مما لم يجمع عليه بل جاء به شرذمة منكم، وزعم أبو البققاء أنه بوصف العصبة بكونها منهم أفاد الخبر، وفيه نظر.
والخطاب في * (منكم) * على ما أميل إليه لمن ساءه ذلك من المؤمنين ويدخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأبو بكر. وأم رومان. وعائشة. وصفوان دخولا أوليا، وأصل العصبة الفرقة المتعصبة قلت أو كثرت وكثر إطلاقها على العشرة فما فوقها إلى الأربعين وعليه اقتصر في الصحاح، وتطلق على أقل من ذلك ففي مصحف حفصة عصبة أربعة. وقد صح أن عائشة رضي الله تعالى عنها عدت المنافق عبد الله بن أبي ابن سلول. وحمنة بنت جحش أخت أم المؤمنين زينب رضي الله تعالى عنها. وزوجة طلحة بن عبيد الله. ومسطح ابن أثاثة. وحسان بن ثابت، ومن الناس من برأ حسان وهو خلاأف ما في صحيح البخاري وغيره.
نعم الظاهر أنه رضي الله تعالى عنه لم يتكلم به عن صميم قلت وإنما نقله عن ابن أبي لعنه الله تعالى، وقد جاء أنه رضي الله تعالى عنه اعتذر عما نسب إليه في شأن عائشة رضي الله تعالى عنها فقال: حصان رزان ماتزن بريبة * وتصبح غرثي من لحوم الغوافل حليلة خير الناس دينا ومنصبا * نبي الهدى ذي المكرمات الفواضل عقيلة حي من لؤي بن غالب * كرما المساعي مجدهم غير زائل مهذبة قد طيب الله خيمها * وطهرها من كل سوء وباطل فإن كنت قد قلت الذي قد زعمتمو * فلا رفعت سوطي إلى أناملي وكيف وودي ما حييت ونصرتي * لآل رسول الله زين المحافل له رتب عال على الناس كلهم * تقاصر عنه سورة المتطاول فإن الذي قد قيل ليس بلائط * ولكنه قول امرىء بي ما حل وكانت عائشة رضي الله تعالى عنها تكرمه بعد ذلك وتذكره بخير وإن صح أنها قالت له حين أنشدها أول هذه الأبيات: لكنك لست كذلك، فقد أخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين أن عائشة رضي الله تعالى عنها كانت تأذن لحسان وتدعو له بالوسادة وتقول: لا تؤذوا حسانا فإنه كان ينصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه.
وأخرج ابن جرير من طريق الشعبي عنها أنها قالت: ما سمعت بشيء أحسن من شعر حسان وما تمثلت به الأرجوت له الجنة قوله لأبي سفيان بن الحرث بن عبد المطلب: هجوت محمدا وأجبت عنه * وعند الله في ذاك الجزاء فإن أبى ووالدتي وعرضي * لعرض محمد منكم وقاء أتشتمه ولست له بكفؤ * فشركما لخيركما الفداء