يبتديء به القاضي فيشهد أربع مرات يقول في كل مرة: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا ويقول في الخامسة: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا يشير في جميع ذلك ثم تشهد المرأة أربع مرات تقول في كل مرة أشهد بالله إنه لمن الكاذبين فيما رماني بيه من الزنا وتقول في الخامسة: غضب الله عليها إن كان من الصادقين في رماني به من الزنا والأصل فيه الآية وروي الحسن عن أبي حنيفة أنه يأتي بلفظة المواجهة ويقول فيما رميتك به من الزنا أي وتأتي هي بذلك أيضا وتقول: إنك لمن الكاذبين فيما رميتني به من الزنا لأنه أقطع للإحتمال وهو احتمال إضمار مرجح للضمير الغائب غير المراد ووجه الأول أن لفظة المغايبة إذا انضمت إليها الإشارة انقطع الإحتمال وعن الليث أنه يكتفي في اللعان بالكيفية المذكورة في الآية ويأتي الملاعن مكان ضمير الغائب بضمير المتكلم في شهادته مطلقا وتأتي الملاعنة بذلك في شهادتها الخامسة فتدخل على (على) ياء الضمير والمراد من الإكتفاء بالكيفية المذكورة أنه لا يحتاج إلى زيادة فيما رميتها به من الزنا في شهادته وإلى زيادة فيما رماني به من الزنا في شهادتها وما ذكر من الإتيان بضمير المتكلم هو الظاهر ولم يؤت به في اللفظ الكريم لتتسق الضمائر وتكون في جميع الآية على طرز واحد مع ما في ذلك من نكتة رعاية التالي على ما قيل وليس في الآية التفات أصلا كما توهم بعض من أدركناه من فضلاء العصر وأما ما أشير من عدم الإحتياج إلى زيادة ما تقدم فالظاهر أن الأحوط خلافه وقد جاءت تلك الزيادة فيما وقع في زمانه صلى الله عليه وسلم من اللعان بين هلال وزوجته على ما في بعض الروايات وذكر الأصحاب أنه يزيد في صورة اللعان بالقذف بنفي الولد بعد قوله: لمن الصادقين قوله فيما رميتك به من نفي الولد وأنها بعد لمن الكاذبين قولها: فيما رميتني به من نفي الولد: ولو كان القذف بالزنا ونفي الولد ذكر في اللعان الأمران ونقل أبو حيان عن مالك أن الملاعن يقول: أشهد بالله إني رايتها تزني والملاعنة تقول أشهد بالله ما رآني أزني وعن الشافعي أن الزوج يقول: أشهد بالله إني لصادق فيما رميت به زوجتي فلانة بنت فلان ويشير إليها إن كانت حاضرة أربع مرات ثم يقعده الإمام ويذكره الله تعالى فإن رآه أن يمضي أمر من يضع يده على فيه فإن لم يمتنع تركه وحينئذ يقول الخامسة ويأتي بياء الضمير مع (على) وإن كان قد قذفها بأحد يسميه بعينه واحدا أو اثنين في كل شهادة وإن نفي ولدها زاد إن هذا الولد ولد زنا ما هو مني والتخويف بالله عز وجل مشروع في حق المتلاعنين فقد صح في قصة هلال أنه لما كان الخامسة قيل له اتق الله تعالى واحذر فإن عذاب الدنيا أسهل من عذاب الآخرة وأن هذه هي الموجبة التي توجب عليك العقاب وقيل: نحو ذلك لامرأته عند الخامسة أيضا وفي الظاهر الآية رد على الشافعي عليه الرحمة حيث قال إنه بمجرد لعان الزوج تثبت الفرقة بينهما وذلك لأن المتبادر أنها تشهد الشهادات وهي زوجة ومتى كانت الفرقة بلعان الزوج لم تبق زوجة عند لعانها والذي ذهب إليه أبو حنيفة عليه الرحمة أنه إذا وقع التلاعن ثبتت حرمة الوطء ودواعيه عن الملاعن فإن طلقها فذاك وإن لم يطلقها بانت بتفريق الحاكم وإن لم يرضيا بالفرقة ولو فرق خطأ بعد وجود الأكثر من كل منهما صح ويشترط كون التفريق بحضورهما وحضور الوكيل كحضور الأصيل ويتوارثان قبله ولو زالت أهلية اللعان بعده فإن كان بما يرجى زواله كجنون فرق وإلا لا وقال زفر: الفرقة بتلاعنهما وإن أكذب نفسه من بعد اللعان والتفريق وحد أم لم يحد يحل له تزوجها عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف إذا افترق المتلاعنان
(١١٠)