وفي المحيط والمبتغي إذا نفى الولد فقال: ليس هذا بابني ولم يقذفها بالزنا لا لعان بينهما لأن النفي ليس بقذف لها بالزنا يقينا لاحتمال أن يكون الولد من غيره بوطء شبهة وهو احتمال ساقط لا يلتفت إليه كما حققه زين في البحر ويشترط في وجوب اللعان طلب الزوجة في مجلس القاضي كما في البدائع إذا كان القذف بصريح الزنا لأن اللعان حقها فإنه لدفع العار عنها وبذلك قالت الأئمة الثلاث أيضا وإذا كان القذف بنفي الولد فيشترط طلب القاذف لأنه حقه أيضا لاحتياجه إلى نفي من ليس ولده عنه ويجب عليه هذا النفي إذا تيقن أن الولد ليس منه لما في السكوت أو الإقرار من استلحاق نسب من ليس منه وهو حرام كنفي نسب من هو منه فقد روى أبو داود والنسائي أنه عليه الصلاة والسلام قال حين نزلت آية الملاعنة: أيما امرأة دخلت على قوم من ليس منهم فليست من الله تعالى في شيء ولن يدخلها الله تعالى جنته وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله عز وجل عنه يوم القيامة وفضحه على رؤس الأولين والآخرين وإن احتمل أن يكون الولد منه فلا يجب بل قد يباح وقد يكون خلاف الأولى بحسب قوة الإحتمال وضعفه وقد يضعف الإحتمال إلى حد لا يباح معه النفي كأن أتت امرأته المعروفة بالعفاف بولد لا يشبهه فعن أبي هريرة أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن امرأتي ولدت غلاما أسود فقال: هل لك من إبل قال: نعم قال ما ألوانها قال: حمر قال: فهل فيها أورق قال: نعم قال: فكيف ذلك قال: نزعه عرق قال: فلعل هذا نزعه عرق وذكروا فيما إذا كانت متهمة برجل فأتت بولد يشبهه وجهين إباحة النفي وعدمها وأما القذف بصريح الزنا فمع التحقق يباح ويجوز أن يستر عليها ويمسكها لظاهر ما روي من أن رجلا قال: يا رسول الله إن امرأتي لا ترد يد لامس قال طلقها قال: إني أحبها قال: فامسكها وفيه احتمال آخر ذكره شراح الحديث ومع عدم التحقق لا يباح ذلك والأفضل للزوجة أن لا تطالب باللعان وتستر الأمر وللحاكم أن يأمرها وإذا طلبت وقد أقر الزوج بقذفها أو ثبت بالبينة وهي رجلان لا رجل وامرأتان إذ لا شهادة للنساء في الحدود وما في النهر والدر المنتقي من جواز ذلك سبق قلم لاعن إن كان مصرا وعجز عن البينة على زناها أو على إقرارها به أو على تصديقها له أو أقام البينة على ذلك ثم عمي الشاهدان أو فسقا أو ارتدا وهذا بخلاف ما إذا ماتا أو غابا بعد ما عدلا فإنه حينئذ لا يقضي باللعان فإن امتنع حبسه الحاكم حتى تبين منه بطلاق أو غيره أو يلاعن أو يذكب نفسه فيحد وعند الشافعي أن امتنع حد حد القذف وكذا إذا لاعن فامتنعت عنده حد الزنا وعندنا تحبس حتى تلاعن أو تصدقه فيرتفع سبب وجوب لعانهما وهو التكاذب على ما قيل والأوجه كون السبب القذف والتكاذب شرطه: وكما لا لعان مع التصديق إذا كان بلفظ صدقت لا حد عليها ولو أعادت ذلك أربع مرات في مجالس متفرقة لأن التصديق المذكور ليس بإقرار قصدا وبالذات فلا يعتبر في وجوب الحد بل في درئه فيندفع به اللعان ولا يجب به الحد وكذا يندفع بذلك كما في الحاكم الحد عن قاذفها بعد ولو صدقته في نفي الولد فلا حد ولا لعان أيضا وهو ولدهما لأن النسب إنما ينقطع بحكم اللعان ولم يوجد وهو حق الولد فلا يصدقان في إبطاله وما في شرحي الوقاية والنفاية من أنها إذا صدقته ينتفي غير صحيح كما نبه عليه في شرح الدرر والغرر ووجه قول الشافعي بالحد عند الإمتناع أن الواجب بالقذف مطلقا الحد لعموم قوله سبحانه: (والذين يرمون المحصنات) الخ إلا أنه يتمكن من دفعه فيما إذا كانت المقذوفة زوجة باللعان تخفيفا عليه فإذا لم يدفعه به يحد وكذا المرأة تلاعن بعدما أوجب الزوج عليها بلعانه فإذا امتنعت حدت للزنا ويشير إليه قوله
(١٠٨)