مستهزأ بها مصدرا كلامه باليمين الفاجرة والله * (لأوتين) * في الآخرة واردة في الدنيا كما حكاه الطبرسي عن بعضهم تأباه الأخبار الصحيحة إلا أن يحمل الإيتاء على ما قيل على الإيتاء المستمر إلى الآخرة أي لأوتين إيتاء مستمرا * (مالا وولدا) * والمراد انظر إليه فتعجب من حالته البديعة وجرأته الشنيعة، وقيل: إن الرؤية مجاز عن الإخبار من إطلاق السبب وإرادة المسبب، والاستفهام مجاز عن الأمر به لأن المقصود من نحو قولك: ما فعلت أخبرني فهو إنشاء تجوز به عن إنشاء آخر والفاء على أصلها.
والمعنى أخبر بقصة هذا الكافر عقيب حديث أولئك الذين قالوا: * (أي الفريقين خير مقاما) * (مريم: 73) الآية، وقيل: عقيب حديث من قال: * (أئذا ما مت) * الخ، وما قدمنا في معنى الآية هو الأظهر واختاره العلامة أبو السعود.
وتعقب الثاني بقوله: أنت خبير بأن المشهور استعمال * (أرأيت) * في معنى أخبرني بطريق الاستفهام جاريا على أصله أو مخرجا إلى ما يناسبه من المعاني لا بطريق الأمر بالإخبار لغيره وإرادة أخبرني هنا مما لا يكاد يصح كما لا يخفى.
وقيل: المراد لأوتين في الدنيا ويأباه سبب النزول، قال العلامة: إلا أن يحمل على الإيتاء المستمر إلى الآخرة فحينئذ ينطبق على ذلك. وقرأ حمزة. والكسائي. والأعمش. وطلحة. وابن أبي ليلى. وابن عيسى الأصبهاني * (ولدا) * بضم الواو وسكون اللام فقيل: هو جمع ولد كأسد وأسد وأنشدوا له قوله: ولقد رأيت معاشرا * قد ثمروا مالا وولدا وقيل هو لغة في ولد كالعرب والعرب، وأنشدوا له قوله: فليت فلانا كان في بطن أمه * وليت فلانا كان ولد حمار والحق أنه ورد في كلام العرب مفردا وجمعا وكلاهما صحيح هنا. وقرأ عبد الله. ويحيى بن يعمر * (ولدا) * بكسر الواو وسكون اللام وهو بمعنى ذلك، وقوله تعالى:
* (أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمان عهدا) * * (أطلع الغيب) * رد لكلمته الشنعاء وإظهار لبطلانها إثر ما أشير إليه بالتعجيب منها، فالجملة مستأنفة لا محل لها من الإعراب، وقيل: إنها في محل نصب واقعة موقع مفعول ثان لأرأيت على أنه بمعنى أخبرني وهو كما ترى، والهمزة للاستفهام، والأصل أأطلع فحذفت همزة الوصل تخفيفا، وقرىء * (أطلع) * بكسر الهمزة وحذف همزة الاستفهام لدلالة أم عليها كما في قوله: بسبع رمين الجمر أم بثمان والفعل متعد بنفسه وقد يتعدى بعلى وليس بلازم حتى تكون الآية من الحذف والإيصال، والمراد من الطلوع الظهور على وجه العلو والتملك ولذا اختير على التعبير بالعلم ونحوه أي أقد بلغ من عظمة الشأن إلى أن ارتقى علم الغيب الذي استأثر به العليم الخبير جل جلاله حتى ادعى علم أن يؤتى في الآخرة مالا وولد وأقسم عليه، وعن ابن عباس أن المعنى أنظر في اللوح المحفوظ * (أم اتخذ عند الرحمان عهدا) * قال لا إله إلا الله يرجو بها ذلك، وعن قتادة العهد العمل الصالح الذي وعد الله تعالى عليه الثواب، فالمعنى أعلم الغيب أم عمل عملا يرجو ذلك في مقابلته. وقال بعضهم: العهد على ظاهره. والمعنى أعلم الغيب أم أعطاه الله تعالى عهدا وموثقا وقال له: إن ذلك كائن لا محالة.
ونقل هذا عن الكلبي، وهذه مجاراة مع اللعين بحسب منطوق مقاله كما أن كلامه كذلك، والتعرض لعنوان الرحمانية للإشعار بعلية الرحمة لإيتاء ما يدعيه.
* (كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا) * * (كلا) * ردع وزجر عن التفوه بتلك العظيمة، وفي ذلك تنبيه