تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ٩٢
كذلك * (تمترون) * بتاء الخطاب.
* (ما كان لله أن يتخذ من ولد سبح‍انه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) * * (ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه) * أي ما صح وما تستقام له جل شأنه اتخاذ ذلك وهو تكذيب للنصارى وتنزيه له عز وجل عما افتروه عليه تبارك وتعالى وقوله جل وعلا: * (إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون) * تبكيت له ببيان أن شأنه تعالى شأنه إذا قضى أمرا من الأمور أن يوجد بأسرع وقت فمن يكون هذا شأنه كيف يتوهم أن يكون له ولد وهو من أمارات الاحتياج والنقص. وقرأ ابن عامر * (فيكون) * بالنصب على الجواب. [بم وقوله تعالى:
* (وإن الله ربى وربكم فاعبدوه ه‍اذا صراط مستقيم) * * (وإن الله ربي وربكم فاعبدوه) * عطف على ما قال الواحدي على قوله * (إني عبد الله) * فهو من تمام قول عيسى عليه السلام تقريرا لمعنى العبودية والآيتان معترضتان، ويؤيد ذلك ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. وقرأ أبي بغير واو.
والظاهر أنه على هذا بتقدير القول خطابا لسيد المخاطبين صلى الله عليه وسلم أي قل يا محمد إن الله الخ. وقرأ الحرميان. وأبو عمرو * (وأن) * بالواو وفتح الهمزة. وخرجه الزمخشري على حذف حرف الجر وتعلقه باعبدوه أي ولأنه تعالى ربي وربكم فاعبدوه وهو كقوله تعالى: * (وإن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) * (الجن: 18) وهو قول الخليل وسيبويه.
وأجاز الفراء أن يكون أن وما بعدها في تأويل مصدر عطفا على * (الزكاة) * أي وأوصاني بالصلاة والزكاة وبأن الله ربي وربكم الخ. وأجاز الكسائي أن يكون ذلك خبر مبتدأ محذوف أي والأمر أن الله ربي وربكم.
وحكى أبو عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء أنه عطف على * (أمرا) * من قوله تعالى: * (إذا قضى أمرا) * أي إذ قضى أمرا وقضى أن الله ربي وربكم وهو تخبيط في الإعراب فلعله لا يصح عن أبي عمرو فإنه من الجلالة في علم النحو بمكان، وقيل: إنه عطف على الكتاب وأكثر الأقوال كما ترى. وفي حرف أبي رضي الله تعالى عنه أيضا * (وبأن) * بالواو وباء الجر وخرجه بعضهم بالعطف على الصلاة أو الزكاة وبعضهم بأنه متعلق باعبدوه أي بسبب ذلك فاعبدوه، والخطاب إما لمعاصري عيسى عليه السلام وإما لمعاصري نبينا صلى الله عليه وسلم * (ه‍اذا) * أي ما ذكر من التوحيد * (صراط مستقيم) * لا يضل سالكه [بم وقوله تعالى:
* (فاختلف الاحزاب من بينهم فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم) * * (فاختلف الأحزاب من بينهم) * لترتيب ما بعدها على ما قبلها تنبيها على سوء صنيعهم بجعلهم ما يوجب الاتفاق منشأ للاختلاف فإن ما حكى من مقالات عيسى عليه السلام مع كونها نصوصا قاطعة في كونه عبد الله تعالى ورسوله قد اختلف اليهود والنصارى بالتفريط والإفراط فالمراد بالأحزاب اليهود والنصارى وهو المروى عن الكلبي، ومعنى * (من بينهم) * أن الاختلاف لم يخرج عنهم بل كانوا هم المختلفين، و * (بين) * ظرف استعمل اسما بدخول من عليه.
ونقل في " البحر " القول بزيادة من. وحكى أيضا القول بأن البين هنا بمعنى البعد أي اختلفوا فيه لبعدهم عن الحق فتكون سببية ولا يخفى بعده، وقيل: المراد بالأحزاب فرق النصارى فإنهم اختلفوا بعد رفعه عليه السلام فيه فقال: نسطور هو ابن الله تعالى عن ذلك أظهره ثم رفعه، وقال يعقوب: هو الله تعالى هبط ثم صعد وقال ملكا: هو عبد الله تعالى ونبيه، وفي الملل والنحل أن الملكانية قالوا: إن الكلمة يعني أقنوم العلم اتحدت بالمسيح عليه السلام وتدرعت بناسوته.
وقالوا أيضا: إن المسيح عليه السلام ناسوت كلي لا جزئي وهو قديم وقد ولدت مريم إلها قديما أزليا
(٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 ... » »»