تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ٩٠
تطهير وكسبهم طاهر. وقيل لا يتعين لأن ذلك أمر له بإيجاب الزكاة على أمته وهو خلاف الظاهر، وإذا قيل يحمل للزكاة على الظاهر فالظاهر أن المراد * (أوصاني) * بأداء زكاة المال أن ملكته فلا مانع من أن يشمل التوقيت بقوله سبحانه: * (ما دمت حيا) * مدة كونه عليه السلام في السماء، ويلتزم القول بوجوب الصلاة عليه عليه الصلاة والسلام هناك كذا قيل.
وأنت تعلم أن الظاهر المتبادر من المدة المذكورة مدة كونه عليه الصلاة والسلام حيا في الدنيا على ما هو المتعارف وذلك لا يشمل مدة كونه عليه السلام في السماء، ونقل ابن عطية أن أهل المدينة. وابن كثير. وأبا عمرو قرأوا * (دمت) * بكسر الدال ولم نجد ذلك لغيره نعم قيل إن ذلك لغة.
* (وبرا بوالدتى ولم يجعلنى جبارا شقيا) * * (وبرا بوالدتي) * عطف على * (مباركا) * على ما قال الحوفي وأبو البقاء، وتعقبه أبو حيان بأن فيه بعدا للفصل بالجملة ومتعلقها اختار إضمار فعل أي وجعلني بارا بها، قيل هذا كالصريح في أنه عليه السلام لا والد له فهو أظهر الجمل في الإشارة إلى براءتها عليها السلام. وقرىء * (برا) * بكسر الباء ووجه نصبه نحو ما مر في القراءة المتواترة، وجعل ذاته عليه السلام برا من باب فإنما هي إقبال وإدبار، وجوز أن يكون النصب بفعل في معنى * (أوصاني) * أي وألزمني أو وكلفني برا فهو من باب: علفتها تبنا وماء باردا وأقرب منه على ما في " الكشف " لأنه مثل زيدا مررت به في التناسب وإن لم يكن من بابه. وجوز أن يكون معطوفا على محل * (بالصلاة) * كما قيل في قراءة * (أرجلكم) * بالنصب، وقيل إن أوصى قد يتعدى للمفعول الثاني بنفسه كما وقع في " البخاري " أوصيناك دينا واحدا، والظاهر أن الفعل في مثل ذلك مضمن معنى ما يتعدى بنفسه، وحكى الزهراوي. وأبو البقاء أنه قرىء * (وبر) * بكسر الباء والراء وهو معطوف على الصلاة والزكاة قولا واحدا، والتنكير للتفخيم * (ولم يجعلني جبارا شقيا) * أي لم يقض على سبحانه بذلك في علمه الأزلي، وقد كان عليه السلام في غاية التواضع يأكل الشجر ويلبس الشعر ويجلس على التراب ولم يتخذ مسكنا، وكان عليه السلام يقول: سلوني فإني لين القلب صغير في نفسي.
* (والسل‍ام على يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا) * * (والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا) * تقدم الكلام في وجه تخصيص هذه المواطن بالذكر فتذكر فما في العهد من قدم. والأظهر بل الصحيح أن التعريف للجنس جىء به تعريضا باللعنة على متهمي مريم وأعدائها عليها السلام من اليهود فإنه إذا قال جنس السلام على خاصة فقد عرض بأن ضده عليكم، ونظيره قوله تعالى: * (والسلام على من اتبع الهدى) * يعني أن العذاب على من كذب وتولى، وكان المقام مقام مناكرة وعناد فهو مئنة لنحو هذا من التعريض. والقول بأنه لتعريف العهد خلاف الظاهر بل غير صحيح لا لأن المعهود سلام يحيى عليه الصلاة والسلام وعينه لا يكون سلاما لعيسى عليه الصلاة والسلام لجواز أن يكون من قبيل * (هذا الذي رزقنا من قبل) * بل لأن هذا الكلام منقطع عن ذلك وجودا وسردا فيكون معهودا غير سابق لفظا ومعنى على أن المقام يقتضي التعريض ويفوت على ذلك التقدير لأن التقابل إنما ينشأ من اختصاص جميع السلام به عليه كذا في " الكشف " والاكتفاء في العهد به لتصحيحه بذكره في الحكاية لا يخفى حاله
(٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 ... » »»