تأخير عذابهم ليس بإهمال بل إمهال وأنه لازم لهم البتة * (فاصبر على ما يقولون) * من كلمات الكفر فإن علمه صلى الله عليه وسلم بأنهم معذبون لا محالة مما يليه ويحمله على الصبر، والمراد به عدم الاضطراب لا ترك القتال حتى تكون الآية منسوخة * (وسبح) * ملتبسا * (بحمد ربك) * أي صل وأنت حامد لربك عز وجل الذي يبلغك إلى كمالك على هدايته وتوفيقه سبحانه * (قبل طلوع الشمس) * أي صلاة الفجر * (وقبل غروبها) * أي صلاة المغرب، والظاهر أن الظرف متعلق بسبح.
وقد أخرج " تفسير التسبيح " في هذين الوقتين بما ذكر الطبراني. وابن عساكر. وابن مردويه عن جرير مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. وأخرج الحاكم عن فضالة بن وهب الليثي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له: " حافظ على العصرين قلت: وما العصران؟ قال: صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها "، وقيل:
المراد بالتسبيح قبل غروبا صلاتا الظهر والعصر لأن وقت كل منهما قبل غروبها وبعد زوالها وجمعهما لمناسبة قوله تعالى: * (قبل طلوع الشمس) *، وأنت تعلم أن قبل الغروب وإن كان باعتبار معناه اللغوي صادقا على وقت الظهر ووقت العصر إلا أن الاستعمال الشائع فيه وقت العصر، وقوله تعالى: * (ومن ءاناء الليل) * أي من ساعاته جمع إني وأنو بالياء والواو وكسر الهمزة وإنا بالكسر والقصر و * (ءاناء) * بالفتح والمد ولم يشتهر اشتهار الثلاثة الأول، وذكره من يوثق به من المفسرين، وقال الراغب في مفرداته: قال الله تعالى: * (غير ناظرين اناه) * أي وقته، والاناه إذا كسر أوله قصر وإذا فتح مد نحو قول الحطيئة: وآنيت العشاء إلى سهيل * أو الشعري فطار بي الاناء ثم قال: ويقال ءانيت الشيء إيناء أي أخرته عن أوانه ويانيت تأخرت اه، وفي " المصباح " آنيته بالفتح والمد أخرته، والاسم إناء بوزن سلام قيل منصوب على الظرفية بمضمر، وقوله بحانه * (فسبح) * عطف عليه أي قم بعض آناء الليل فسبح وهو كما ترى، وقيل: منصوب بسبح على نسق * (وإياي فارهبون) *، والفاء على الأول عاطفة وعلى الثاني مفسرة، وقيل: إنه معمول * (فسبح) *، والفاء زائدة فائدتها الدلالة على لزوم ما بعدها لما قبلها.
وذكر الخفاجي أنه معمول لما ذكر من غير حاجة لدعوى زيادة الفاء لأنها لا تمنع عمل ما بعدها فيما قبلها كما صرح به النحاة، والمراد من التسبيح في بعض آناء الليل صلاة المغرب وصلاة العشاء وللاعتناء بشأنهما لم يكتف في الأمر بفعلهما بالفعل السابق بأن يعطف * (من ءاناء الليل) * على أحد الظرفين السابقين من غير ذكر فسبح وللاهتمام بشأن ءاناء الليل وأمنيازها على سائر الأوقات بأمور خاصية وعامية قدم ذكرها على الأمر ولم يسلك بها مسلك ما تقدم.
وقوله تعالى: * (وأطراف النهار) * عطف على محل قوله سبحانه: * (من ءاناء الليل) * وقيل: على قوله عز وجل * (قبل طلوع) * والمراد من التبيح أطراف النهار على ما أخرج ابن جرير. وابن المنذر. وغيرهما عن قتادة صلاة الظهر واختاره الجبائي، ووجه إطلاق الطرف على وقتها بأنه نهاية النصف الأول من النهار وبداية النصف الأخير منه، وجمعه باعتبار النصفين أو لأن تعريف النهار للجنس الشامل لكل نهار فيكون الجمع باعتبار تعدد النهار وأن لكل طرفا كذا قيل. وأورد على ذلك أن البداية والنهاية فيه ليست على وتيرة واحدة