تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ٢٨٤
أنه تمييز لما أو لضمير به، وحكى عن الفراء أو صفة - أزواجا - ورد ذلك لتعريف التمييز وتعريف وصف النكرة، وقيل: على أنه حال من ضمير به أو من ما وحذف التنوين للالتقاء الساكنين وجر الحياة على البدل من ما واختاره مكي ولا يخفى ما فيه، وقيل: نصب على الذم أي اذم زهرة الخ واعترض بأن المقام يأباه لأن المراد أن النفوس مجبولة على النظر إليها والرغبة فيها ولا يلائمه تحقيرها ورد بأن في إضافة الزهرة إلى الحياة الدنيا كل ذم وما ذكر من الرعبة من شهوة النفوس الغبية التي حرمت. نور التوفيق.
وقرأ الحسن. وأبو حيوة. وطلحة. وحميد. وسلام. ويعقوب. وسهل. وعيسى. والزهري - زهرة - بفتح الهاء وهي لغة كالجهرة في الجهرة، وفي المحتسب لابن جني مذهب أصحابنا في كل حرف حلق ساكن بعد فتحة أنه لا يحرك إلا على أنه لغة كنهر. ونهر. وشعر. وشعر. ومذهب الكوفيين أنه يطرد تحريك الثاني لكونه حرفا حلقيا وإن لم يسمع ما لم يمنع منه مانع كما في لفظ - نحو - لأنه لو حرك قلب الواو ألفا، وجوز الزمخشري كون زهرة بالتحريك جمع زاهر ككافر وكفرة وهو وصف لأزواجا أي أزواجا من الكفرة زاهرين بالحياة الدنيا لصفاء ألوانهم مما يلهون ويتنعمون وتهلل وجوههم وبهاء زيهم بخلاف ما عليه المؤمنون والصلحاء من شحوب الألوان والتقشف في الثياب، وجوز على هذا كونه حالا لأن إضافته لفظية.
وأنت تعلم أن المتبادر من هذه الصفة قصد الثبوت لا الحدوث فلا تكون إضافتها لفظية على أن المعنى على تقدير الحالية ليس بذاك * (لنفتنهم فيه) * متعلق بمتعنا أي لنعاملهم معاملة من يبتليهم ويختبرهم فيه أو لنعذبهم في الآخرة بسببه وفيه تنفير عن ذلك سوء عاقبته مآلا أثر بهجته حالا، وقرأ الأصمعي عن عاصم لنفتنهم بضم النون من أفتنه إذا جعل الفتنة واقعة فيه على ما قال أبو حيان * (ورزق ربك) * أي ما ادخر لك في الآخرة أو ما رزقك في الدنيا من النبوة والهدى، وادعى " صاحب الكشف " أنه أنسب بهذا المقام أو ما ادخر لك فيها من فتح البلاد والغنائم، وقيل: القناعة * (خير) * مما متع به هؤلاء لأنه مع كونه في نفسه من أجل ما يتنافس فيه المتنافسون مأمون الغائلة بخلاف ما متعوا به * (وأبقى) * فإنه نفسه أو أثره لا يكاد ينقطع كالذي متعوا به.
* (وأمر أهلك بالصلواة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والع‍اقبة للتقوى) * * (وأمر أهلك بالصلاة) * أمر صلى الله عليه وسلم أن يأمر أهله بالصلاة بعدما أمر هو عليه الصلاة والسلام بها ليتعاونوا على الاستعانة على خصاصتهم ولا يهتموا بأمر المعيشة ولا يلتفتوا لفت ذوي الثروة، والمراد بأهله صلى الله عليه وسلم قيل أزواجه وبناته وصهره علي رضي الله تعالى عنهم، وقيل: ما يشملهم وسائر مؤمني بني هاشم. والمطلب، وقيل: جميع المتبعين له عليه الصلاة والسلام من أمته، واستظهر أن المراد أهل بيته صلى الله عليه وسلم، وأيد بما أخرجه ابن مردويه. وابن عساكر. وابن النجار عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت * (وأمر أهلك) * الخ كان عليه الصلاة والسلام يجيء إلى باب علي كرم الله تعالى وجهه صلاة الغداة ثمانية أشهر يقول: الصلاة رحمكم الله تعالى إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا، وروى نحو ذلك الإمامية بطرق كثيرة.
والظاهر أن المراد بالصلاة الصلوات المفروضة ويؤمر بأدائها الصبي وإن لم تجب عليه ليعتاد ذلك فقد روى أبو داود بإسناد حسن مرفوعا * (مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع) * أي وداوم عليها فالصبر مجاز مرسل عن المداومة
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 » »»